الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

أيوّب



" وطني رائحة الجُوع البشري مُخيف ".

..

أخرج من كل دّاء والتعب لازال ظلاً لي يلازمني كالموت الخُفي .. كـ لفافة تُبغ ..
سبعون عينًا تحدق فيّ، تأكل ملامحي، وتمحو تفاصيلي، أهرب إلى الشمس ، وأشعر بطعنات الهواء في ظهري .. ولكن لا بأس! لربما الأيام أكتفت بشيء واحد
وهو كيف لها أن تبدد أحلامنا الهُشة وتغرس في قلوبنا معنى سامياً لليأس ، بـ قصص وعُبر أظناها الإنتظار لتصل إلينا، حسنا لأمنحها ظهري ، ولا أرحمهم وأرف بهم من قسوة ملامحي وتُيه بصري، وصرامة نظراتي، ولأبقي على البقية الباقية من ماء محياي قبل أن تتشربه الأعين الخائفة ، والجائرة .

فأنا لا أملك الأن إلا بقايا من بقٌايا .. وشيء من دعاء .. وصوتي الذي لايزال يسخر مني
أوازن بين صوتي والحياة وأقرا كل شيء حولي فيصبح نشازاً ، أو أعطوني شيء من مزامير داؤود .. أو قيثارة السماء القديمة ، لاتطلبوا منا شيئاً ، خُلقنا على النقص من أجله .!

واليوم تأكلنا الحياة رويداً كالنار الهادئة تأكل الأعشاب اليابسة .. وتبدأ بالصغير وتدع الكبير على الزمن والنار يطهو ، ويطهو حتى ينصهر .. إن حياتنا مثيرة للشفقة ، دائما ماننظر للأخرين وأخطائهم ..
نرسل إليهم إشارات غريبة ، نحكي فقط في شكواهم .. كأن الله جُب الأحاديث عن الدنيا وأمرنا ديننًّ أن نتحدث بهم ّ!
كهُل أنا .. جرفتني الايام .. فتهت تارة في وادي القثاء والُرمض .. وعايشت مرضى بحالة الحُرض .. والأن ومازلت ..
محارِب أنا وحدي على الجبهة! إرادتي متمرسة خلف الحصون، وصوتي الخادر .. يحارب خلف الكون ، يحارب خُلسة بشيء من خفُية ودعاء ..

تركوني وحدي، وحدي أنا في الميدان.. أعطوني بعض الخبز .. وعروني من كل شيء .. وقالوا لي أمامك أسود ضارية .. ونأمرك بشيء واحد ... لاتموت !!!

سقوني ماء مُخضر .. وقالوا الدين يأمرنا بالزهد .. منحو فتايات عاهرات في بلدان المسلمين ، من أجل الرقص والتعري والمجون .. منحوهم الأمل والمال .. وقالوا هذا ياوطن من باب الأخاء . فأصبروا وأحتسبوا لتنالوا الأجر . "لتنالوا الفقر "
لتنالوا الشماتة والإساءة للأسلام .. من أرض الأعداء .

فقط أريدهم أن يثبتوا شجاعتهم، وينزلوا إلى وسط الميدان، و في قلب المعترك، وليقرروا ، من منا يريد أن يعيش .. من منا لايريد الهناء .. من منا لايريد الأنصاف والأختشاء .. أسقيتمونا المرارة .. تجرعنا خلفكم كل علقم ، أظهروا الأن ، أنزعوا كل هذه الأقنعة
وأبسطوا أيديكم .. هيا لنتعارك وجهاً لوجه لايفصل بيننا الا الله ، والموت .
جميع من كان يسكن بأرضكم أصبح حيوان مطيع .. و((أنا متأسفاً للحيوان على اللفظ هنا والأساءة له )) .. فلقد أصبحنا جميعنا حيوانات مشُتركة في أداء الفرٌضيات والقيود والتشريعات التي ما أنزل الله بها من سلطان .
كلما تفعله يا صديق في أرض الوطن .. هو هدُية لمخلوقات أخرى .. هو مجرد أن يجبرك الأخرين على القيام به أنفك مرغم بالتراب أن عارضت ... أنت مُهان .. أ تدري لما .. لأنهم يحكمونك "بالأستسلام " لا الأسلام .

لاتبحث لاتعيد ترتيب الأمور ، كلها أصبحت جرداء .. قطعة القماش الرديئة، لا يخرج منها ثوب مبدع. هي ذي الحقيقة، التي أؤمن بها. وهذه معادلة التوازن في طبقات الحياة التساهمية والعصُرية والأشتراكية
ولكن لأننا الحلقات الأضعف في المجتمع .. ولأننا الأفواه التي ولدت بألسن .. و وجدُت فوق أرض الحياة. . خُرساء ! .. يتهامسون بالدين أمامنا .. في كل حادثة أو إستلهام ونداء .
نحن ، صمُ بكمُ عمّي .. ضعفاء ، خائفين من الموت .. واللهِ إن لهذه الحياة موت .. وأشد من الموت وطأة .. الذُل أرتضيناه فخراً ، والصمت أبتلعناه سقماً .

لتبقى الذاكرة مكُبلة بالقيود .. حتى هُنا الخيال أمر محرم ممارسة طقوسه .. علناً ! يازنديق ألم تسمع أنه حرام !ّ ويحك ، أ أعرضت عن ذكر الله ؟

من أنا؟ أريد تعريفًا، توصيفًا؟ يحل لي هذا الإشكال، أصبت بالفصام منذ ألف عام.. ولم يجبني أحد.. ، أصبت بالأكتئاب والضجر .. من وطن .. من سُّكنى وعراء
وحيداً أرنو كيفما أشاء .. هل أخُشى ومالمجُدي من الخشية والرهبة ؟

خيُبة الحياة كانت ملازمة لي .. تساؤلات يا عنفوان الأيام .. هل هذه حقاً أمة الإسلام ..
هل أنا متهور .. ربما ! هل أنا أسف .. لا وربي وألف لا .. هل أنا خائف .. ؟ أكتُب ويداّي تعانق شيئاً من البرودة والموت .. والحُرية
وبكل هدوء وثقة عمياء في وطن الغرباء .. أجابنُي صمتي قائلاً .. أنت متذمر ومحبُط ..!
والحقيقة فقط أنا أغرف لكم من بحر الإحباط الذي يموج بي وحولي، لأضعه في إناء وأقدمه لكم بعد أن أضع فيه بعض أسماك الصدّف
التي تنغز عليكم هذا الواقع المجرد للأعين ..
أبصروا أيها العميان .. !!

وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فأنا باقٍ أهديكم أسماك القٌرش ، تعكر كل أجواكم
وتأكل كل جُرح دامياً في أحشائكم وأفئدتكم المرتعدُة المستوجمة الراهبة .
وحتى .. أختفي أختفي .. في منُفى العمر .. وأتغطرس بين تُيه الأحرف
ومن هناك بعيداً ، بين أحضان الُشمس .. بلهبا الساطع
أعوي .. وأصرخ بصوت عالِ
..


" وطني هل حقاً أنت بلاد الأعداء ... " !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق