السبت، 24 نوفمبر 2012

أحيّا






أحيا ولا أحنو على أحدٍ، ولا أحزنْ
ولا أجني على وردٍ،
كشحمٍ أسودٍ لزجٍ على عجلٍ مُسنَّنْ
في بطن ماكنةٍ مُمَكْننْ
كل ما فيَّ، عصافيرٌ من المطاط، في قفص من الرمل الملوَّنْ
ووجهيَ نافورةُ ماءٍ في الشتاءِ،
يسيلُ،
وبردٌ جديدٌ في الهواءِ،
أميلُ،
إلى حيث ترمي بي «القوى»: نحو ذكرى
من المدن القديمة، أو نحو مخزنْ
من الكلمات التي تشبه بارًا يضيء، وفيه جازٌ،
والزبائن ناموا على الطاولات، عليه أمرُّ، وفيَّ
مرارةُ ظلٍّ، وعينايَ من مللٍ ومعدنْ

**
حُسين البرغّوثي



إلى اللهِ







إلهّي أعاهدك عهدً وثيق .
. بأنني لن أخوض
أية جدال .. سأبقى صامتًا كما عهدّتني
لا أجيد التحدث إلا لَمن يرى
شيئاً ورُثته في صدره
وزرعتها قنديلاً يضيء للأخرين .
إلهي إن الرزايا تنتابني وأنا في خوف
أرى وجوهًا لا أرغب برُؤيته.. فهناك
من يعتقد أنهُ ظفّر بالكلم وإقتادني إلى القصاص
وتالله يارب .. إنني مستعد أن ألقّمه قفاَه
ولكن لأنك عفوً رغبت .. بكل شيء مرٌُتضى
سأرتدي وشاح الصمت عن الوجوه البغضاء
وأدعهم في حرقة قلوبهم ..
ولتكويهم الشحناء ..
وسأعود شيخًا كهلً في العشرين من عمره
يرتل أيات الصّفاء
لقوم .. يريدون العسل لا الحنضل والداء
وسأبقى سراً صغيًرا في وجوه الأطفال
والفقراء .. أناشُدك بـ مغفرة
أو رحمة أو جنةَ خضراء
ترتقي لها روحي وتسكُن جوار قّداسك
وتعظُم فيك المحبة والولاء
صدقًّا إلهي .. أجرني
فرئّتي تختنق
وليس لي غنُى عن باب فضلك
والهواء ..
إستسلمتُ لك ربي ..
وإليك خير الحياة
والعشيّة والغُدّاءة


عن هّاجس





بوركتَ من سفرٍ بين العيونِ وبين القناعِ
من قدرٍ لوحظتَ وجها-لوحةً بالفحم يأملُ
أو يتأمل تمثالا لوردان

لوحظتَ، أو جملا يعلك الشوك وتعلكه الجُمَل
لوحظتَ تخسرُ، حينا، وتكبرُ، يوما،
وتسهرُ، بين الحطامِ الجديدِ،
وتنضجُ دوما، وتذكرُ:
كفّاكَ قارورة عطرٍ قديمٍ،
ووجهكَ قاربٌ فذٌّ، ويبحرُ،
بحرُهُ: تتكررُ الاشياءُ..
.وأرجاؤهُ المستقبل.


فأستدرت الى خاتمٍ-حجرٍ
حُفرت خريطةُ الكون عليه،
عليك الدورُ لتلعبَ لعبتهُ
كي تصيرَ عليه حفرا آخرَ،
بوركتَ، منتحرا كنتَ،
أم في غاية الحكمة تسألُ، أو تنقصُ،
مثل هلالٍ، أو تكتملُ
مثل صليبٍ من خشبٍ من شجرٍ
يكسرهُ البرقُ أو يحتمل...

لكَ رؤياك وحلمكَ،
قاتلت على مصدرٍ للمياه -
شرب الكلُّ، نصيبك قطرة-
"وعقدت عقائد في الاله واستكنت
لحفرة في باب جنتك الصغيرة..

**

حُسين البرغّوثي


إليّك






ظُلك المُتعجرف .. يقّلقني
وحياؤك الطاهر .. أراه ..
أراه يَصفف لي جديلّتي
وقناع الكبرياء في عينيَك سقط ..
ظلّك الماثلّ بين زواياَ هذه الجدران
عُرى القلب إستشأطْت ولعاً وتحنّانا
لصومعُتك المنسيّة ..
رائحُتك المعلٌقة كـ تمائمّ تُسعف
أنّات صدري .. وأنفاسي الملُتهبة
المضطُربة .. خُشية عدم لقُياك
أه .. لو تعلم مدى ضعفّي
أضنّاني الهوى ، وجلّادة الصبّابة
في مفاصيلي تّسير كالحمى . ..
إسٌقط .. وتهّأوى .. وتدحرج
فوق عشّب الحب الأصفر
وأسقّى الجدائل .. من أنفاس
وغّنى .
فـ المجد قدّسته عينيّ بك
وأصبحت لا أعرف شيئاً في الحياة
ولا جمالاً إلا وأرتبط بك .. وكنت الخيّط
والسُمط والعقد .. واللوز
والحديقة القديمة والأرجوحة الوردية ..
وسراب الصّيف .. وحنين الأمس
وبكاء اليوم .. وأمل الغد
وإليك .. إليك
عندما أصل وبالوصّل
نتُصل ..
إذا فأنا قد
إنتهيت من أحلامي
وشرعت أبواب النعيم
وبَالحياة .. "بك"
إبتديْت .



تجّرد






إستُبحت وحدة المكان ..
من غيرّ خوف ولا وجل
.. بعيداً عن الليلّ ومن يُسهره الأن
أنا الأن .. في حديثًا لك ..
أغُازلك علناً .. ولا أخشّى
شيئاً ، أو أمراً يكون .. أو ربما كان

ضجيج الوقِت والّذكرى ..
في تموج جسدك المقُدس
في كلّ مرة أتاملك .. وأنسجك من خيال ..

يسقُط فمك عثرَة فِي طَريق اسْتِيعابي ..
تسْتجيبُ كلّ ذّرة في جسُدي

لرغبّة الأنسكاب .. أو لحريٌقاً يسُبقه فتيلّ الأشتعال..
أود المقاومة .. أنتحلّ شيئاً من روْح الأساطير وأبقى

صامداً أمام عيُنيك..
و أُجود في مبُسمي بتأتّئة

وشيء ساّخن يجول ويصول ُقرب اللسان
وألم ينتزع الأحشاء وعتّمة في الأطراف .
وسوائل في الجسد تاُهت تود ولو
شيئاً يسيراً من ..... و ...َ
أو ربما ....
.


وفي كلّ مرّة تُخبِرُني أُمّي أنني رجّل شاحب
رجل مليّء بالصدوع .. ليس هناك أرض صفصفاء
في سراديب روحّه . أو إنبساطات عاطفته .
أُنهرّها بُصمت .. وعنفوان الأمّل وأقول
هناك يا أمي عاصمة .. لأجلي
بلّد يستوطنّني .. مهلاً يا أمُاه..
أرسّل الطرف إليك في أثناء الحديث
هناك في حدود ذاكرت وخّيالي الذي
لا أملُكه بل يملكنّي ! ..
و أغمِسك في قلبي الراكِن في بحارك الٍسبع ..
وأدعّ الله يُمتع هذا البصر

بأنثى من تفاصيل البيَاض
أو شمُعة لروح البنان .. إمتزجت
بطهر العاطَفة وحسّنة المنال ..
فألمس كفّي أنذاك وأشُتمه ..
فهناك شيء من رائحُتك بعد عناق .. طويل
مع الذاكرة ..
فكم وددت أن أُقبل كل موطأ في جسّدك .. كل تفاصيله
من باحّتك الخلفية لـ عرإء خصرك الذي ضاق به الأفق
حتى جحيّم شفتيك الذي .. أعتنت بهِ الشياطين ..
وأعود لأتذكر حديث أمُي
وهي تقول : أنت فتّى مجنون ..
ربما لأنك عاري .. أو لأنك مفتون !
ربما الأخيرة يا أمي .. فأنا فُتنة
بلا عيّون ..
وأعيد الغلّة بك من جديد
وأحكي للأخرين شيئاً من نّشيد
وترانيم طائر أسود مشؤوم
بروح رجل شرقيّ كئيب
وأبقى في الحسبان ..
أن خرّوجي من الباب الضيق ..
بات أمراً غير مستبّعد
فأسدل الستار عليك وأخفيك في العّين
وأدعو الله .. أن ألقاك يوماً
ولو طيفًا عابر ..
أو .. لعّل الله يُؤجلك
إلى حيّن ..


الأربعاء، 21 نوفمبر 2012

وجْع



ترنيمّة :

إصبروا عليَّ لأجمعِ نثري.
زيارتُكم عاجلة وسَفَري طويل
نظرُكم خاطف وورقي مُبعْثَر
محبّتُكم صيف وحُبّيَ الأرض.
مَن أُخبر فيلدني ناسياً
إلى مَن أصرخ فيُعطيني المُحيط؟
صــار جسدي كالخزف ونزلتُ أوديتي
صـارت لغتي كالشمع وأشعلتُ لغتي،
وكنتُ بالحبّ.
لامرأةٍ أنهَضتُ الأسوار فيخلو طريقي إليها .

**
أنُسي الحاج







.ذلك العائد من سفره البعيد أتاني ويحمل الأسى في عينه ،وبصوت خجول
دبّ في ضواحي .. روحه .. وأزقّة مخُيلته المجُهضة ..
قال:
أيها الغافي دعني أقصص عليك شيئاً من نوادر الحديث .. وماخطُته الأصابع
من تعب الأيام .. ومن فرح الدّنى .
وترانيم الطهر في دجُى اليأس


ومن بوح مراهقة ملحُدة .. لـ كهل أذعُنت لمطلبه
.. وخذ بعضاً من أوراقي المتهالكة .. وشيئا من الحاضر القادم

وبقايا من بقايا .. وكأس شاي بارد .. .. ورغيفة خبز ساخنة ..
وأدخلها في جوّفي .. كـ نوعاً من الصبّر

كلامها كان .. أكسير الحياة . وشواطيء الأغريق المتهالكة .. وعذريّة بوسيدون

إبنة ألهة البحر .. وأطفالها التسّع ورقّة قلبها التي أتسعت لكل عّباد وعشاق الألهة أنذاك
في أساطير الأساطير وطائر الرخ القديم الذي شّرفته الألهة
أو عانق المزُمجر .. خيالاَ من خيِال

جميل حقًا،

أن يكون هناك طيفاً يواعدك ..ويأتي كيفما تريد منه أن يأتي .. ولا يأتيك على حين غرة .
هذه الفتاة التي كانت .. منسوجة من حرير العبودية .. وترتدي قميص الأنسان . بكعب عاليّ لا يبالي
أخذت شيئاً من قلبي.. ومنحته لعيني وقالت إقرا ..
فقرأت إبداعًا سابقًا لعصري
إبداعاً يحكي ليلة مخّمورة برائحة الشُرق
.. وشيء من ماضي أبي ،
ليست المرة الأولى التي أتلقى إبداع الأخرين فيها
.وأخذه على محمل الجدُ
أعتليت أجنحة الذهاب والعودة . وأنا في رد وصّد
وفجأة .. في عين الظلام وحده ، سرقت مني كل شيء
بقيت بعيداً عن الوجود .. لاثالث لنا .. إلا الله ..
الشيطان .. أختٌشى أنذاك وتاه في خطأه وبقي بعيداً يمُني النفس
بخبث البشّرية والحسد .

في اليوم الثاني بمجرد أن رأيتها ناديتها ..
رغم إنها بعيدة بعيدة . خلف قضبّان الذاكرة

وكانت شبه عارية .. قلبي يا فّتنة
فأختشيت وأغضضّت البصر
بادرتني بالسؤال، هل أعجبك ما قرأت يا غرّاب ..
أرى في عينيك نوعاً من الهيام والضعف
والأستسلام .. عجباً أنا من ألحد في الغموض حتى بات قرين له ..
أنا من تاُه في عرّاه .. فُستره الله بشيء من الماء .
فكيف تقرأني فتاة مرُاهقة على كفٍ من مهلَ
: قلت: مدهش أكثر من رائع ، وكنت وقتها أود أن أخفي سراً يجري في تجاعيد الوجه ،
ينافي عقيدة التوحيد .. يحكي لها أوقات الأمل والضبابية في سفٍر بأوراقها وعينها التي لاتكاد أن تراني
واستدركت ..
وأنا أتظاهر بالذكاء: أحقًا أنتِ .. من عانق هذه الوريقّات ..
فردت عليً بصوت يملُئه الطمأنينة ..
لم تكن أوراقي يا غّض .. هذه قلوصًا من كبدك ..
عراك من مشاعرك .. ياحياة الشمس
إنك جاهل .. في أتفه أشيائك..
كم أنا مشُفقة عليك أيها العربي
كل هذه السماديّر و هذا السواد الذي إستطال هالة قمر
تحت جفنّيك وأهدابك .. عبارة عن موت حيّ
يسرد قصة البقاء .. لهذا الوجود الذي جُبل على فتنة الدهشة والغرابة والفظاعة .

سحقتنيّ بحديثها ، أود التصديق والنفور .. أرغب بالأنسحاب .. تراجعت خطوتين إلى الوراء

أريد الأختباء والأختفاء .. فأمسكت بمعصمي وقالت لاتخف يا "...."
أنا جُزء منك .. جزء من روحك التي تنكرها
أنا تلك الخفية التي ولدت في أول أيام الكريسمسّ
وفي منتصف الحرب ..
أجهضتني أمك في الذاكرة .. أنتزعوك مني
سرقوك من روح الجُند البواسل
وزرعوك في أعقاب ربّات المنازل .
فغصًت في أعماقك بخُتم من ألهة النذُر عند الشرق
لاتخف يا فتّى .. أدُنو وأقترب
..
وشيء كرعشة الخوف .. كـ مُخاض الولادة
قد إستسلمت له أحشائي
ألم يسّري في معدتي .. يُقطعها إرباً إرباً
كأنه أول لقاء .. مع الأحلام
أو عناق لـ طيف فتاّة ..
.
أطبق الصمت علينا وخيّم ماخِيم .. وهي تضع الحنّاء في يدها
كأنها الهُدى على مهد الأيام ستُزف لذاكرتها الراحلة .
وتعافيت من جرأ الصدمة .. وقلت بوجهِ
مرتمي إلى أسفل ذّرة في نواة الأرض
أخشى أن أرمقها فترى يأسيّ وضعفي
وقلت : هلّ لي بالمزيد من تلك ..
فبدأت بالضحك .. وصوتها يعلو .. كم كنت كريهًا أنذاك
ولكن للهِ الحق أن ضحكتها .. شيء من الفردوس
شيئاًَ من دهُاق الجنّة
..
ملأني البحر بماءه .. فغُصت في أعماقه
وحنجّتري تغرغرّ بهِ .. وجسدي دّب فيه النحّل.
أشارت إلي وقالت فلتنتظر قليلاً سأغتسل
وسأسلب العذرية ماتبقى لدي من وفاء ..
وأسرق من عين الشمس . إنتظار من رياء ..
دعني أمرُغ جسدي في وحلّ الروح
وإذا بها تتلاشى كالسراب .. وتبتعد
وتبتعد وأنا أمد لها اليد .. خوفاً من الغد ،
فإذا بالصدى .. ينادي يا "..."
أنت هُنا في جوارحي ـ هنا خلف غطاء الصدر
وستذّكرني وتخشاني ، فأنا هدية الله
أنا عاقبتك الحسناء .. أنا خبايا
وسجايا روحك الضعيفة .
بين عينيك ، إنتصبّت
فكانت أيامك عبارة
عن ضجيج في أطراف الدنى
وسُبل سلبها الوجع
ورحيلّ ، ومفترق طرق .


23







بعد سفري في وجوه الأخرين
وحيّاة الله متأملاً متدبرا
.. قبّيل أخر ساعة من الزوال
إنتصبت الشمّس في عيني كـ محراب
حينها أصبحت متجرد من الشعور ..
لا أذكر مُنه إلا بعض الرمق . والسم
وفي بّرهة .. توقف قلبي عن النُبض .. وعاد
ليثرثر .. من عنق الزجاجة وهوُى
فيني الشعور سبعين خريفاً .. فأمسيت في حّاجة
كماء ثجاج .. كُسم رجيّن
..
أشعر أنني أود القيام بكل شيء
وأشعر وكأنني عاجز عن الحراك
وفعل أي شيء ..
أشعر أنني مسلوب الظل ..
حتى أخر رمش في عيني .
أتناقص تدريجياً.. كغاوية
مثل تجّار الرق الفاسدة .. بين المشرق والمغرب
شاب بقلب كهل .. وفؤادي مليئَا بالصمت
لا أفهم كيف أنا .. غالباً
ما أسدل ستار الأخلاق .. وأنسى تشريُعه
في كل صّب فجر بارد ..
أكتشف جفافً يزاول جسّدي
ويُنهش . عواطفي..
ليزرع للأخرين .. أرواح صابرة أو
خزانة من الكّم في مشاعري بالمتاجرة .
وأقول: إذا أتى الليل .. سأنحني إجلالاً للحياة
وأكشف عورات قلبي .. وأحاول
أن أرفلّ قدر المستطاع
..
يأتي الليل بنسيم الذكرى والعابرين
ويثقبني فإذا " بالخرق إتسع على الراتق "
وليس لي حولاً ولا قوة ..
فقيراً دميمً في الوصل
بخيلاً سافياً في الهوى
أرتضيتُ الحياة.. سُكر
وشربت صبرْ العشّاق
كماء البحر ..
فأخبرني من أكون
هل ترتَضي شغفاً
بالحادرة .
لست إلا مهاجراً
بلا زاد ولا ركب ..
أمضي في أمل الله
وأنهل من قذأ
وكل عذب
.

 
 

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

زمُردة الماء







،،
أقسمت للربَ العلي ذات مساء
أن أكون صافياً كالدمع كالماء .
وأشدو في الدُنى ، خيالاً وهُدأ
وأعظمت بقًسمي في رجاء
أن أكون لكِ .. كما تُريدين .
فزرعت في قلبي بذرة
الوفاء .
وأشُعل فتيل صدري .. نيران لك
من وهج الشتاء .

فلكِ أن أعيش ما أتمنّآه
كلوحُة أرسمها لوجهك .. بريشّة الأمل
عيناك زمرُدتا الماء ..
ولشعركِ سنابل الليل ..
ينسدُل ستاراً من العتّمة .. كي أمُوج ..
بتفتح الليلكِ حين ذرّوة بهآئك ..
لأغتسل بالفرح .. لمعانّقة أهدابك
.. للتحليق كالفُراش حول
نور عتَمتك وبهاءك..
من سرور الملائكة في وجنُتيك
إلى إبتهالات .. الأم في شفتيك
قُرب واحة الصبر .. في ذراعيك
كم هُناك .. من وليد وُفقيد
وجدي عليك َشتى
ورحي لـ أمل بِك
.. أضنُاها الغياب
فُعد ، باللهِ عَُد
فالعين لازالت على الوعَد

ففي وصلك .. نعيم .. وهناء
وهُنا في جسدي ..
في رئتي لك حيَاة
وفي تراتيل الكون
إنتظار .. و نداء


 

وتريّات










جاءت تحمل الأواني .. وظل الُشمس
على كفّ من مهلَ ..
فاحت فتاة الليل من صباح الزيُتون

فتاهّت في عيون التين ..
وأخضر العُشب والليمون

وكان الثمر يحكي سراً صغيراً
للنخيل

يعطُره بـ ..
تحية الآتين من سفرٍ البلاد البعُيدة
فُخضعت تلك الوجوه شقائقاً
لخُصر ، يضيق بالأحداق

ويسلب النحور ، وماتكن الصدور ..
..
قمراً على الباب القديم العتيق

في كهوف النسيان .. لعالم الأرواح
لعالَمٍ نسي الحديث ، الدين ..
وراح يلوُك الشعر دون إشتهاء
ليصف ثغر الفتاة والشذّى
المذابَ مع ارتخاءِ الشفتين
لوهج يسلب أهل االهوّى والأفئدة
أولَ ما ظهرْت ..
خسفت العُيون ب بديع الدُررّ
سلوّا عن الصبر .. فنسوا ،
نسوا التطلعَ للقمرْ .
ومالسماء والأرض ، وما السحّر
أمتدت على الأنامل .. مد البصرْ.

أتت روح الليل ، حاملة الخبزّ والخمر
أثارت في قلوب الأخرين فتٌُنة و موالا ً،
وأهازيج الصوف .. وعبّاد الصلُيب .

ومالت للحديث فأزهرتْ .
فواعجّبي كأنه هذه الصحراء

لايوجد بها إلا الحجُر !!
قرأت كتاب الله وأمتثلت للكلمات .. وأيات الطُهر
ففاضت عينُاها دمعًا يحكي للنجم سر التأمل والتدبّر
حدُيث القمر .. للهِ . دمعتْ ... مشتْ .. على صّبر
إمُتطت خيول النور في دروب الله وأينعت
للصمت ، بحديث مُختصر:
قالت ، مالنور .. مالأمل .. مالصبر

أيها الراحلون شغفاً بنار الشهوُة
لا النُذر ..

إستروا عرّاء أرواحكم ، بشيء من وعّر
وأرتدوا أقنعة الزيف .. خير لكم من هذا الأمر
أرتقوا وأرفلوا ، قلوب الأخرين ..
واحتموا بوجوهكم خلف أقنعّة الصبر ..

..
أخذها النصُيب بالسهر .. وأتاها التعب
بقيد الأسى.. ليذكرها بأمسٍ وبرُعشة خبر
.. أطال الليل ألتحافهُ ، لخُدرها
فوضعت يديها فوق أعتاب السماء
لتُلاطف عنق الشمس ، وتخبرها بقّدر الضجر
سر إنعتاق الابجدية ، أحتفل بمولد شفتيها في الأحرف

فأسترسلت بها ورضُخت لذاكرة الأمس ..:
لا تزرعوا في قلب فتاة .. أملاً لايعرف الأجهاض..
لا ترتلوا لهُن أيات العذّرية في العشق وفي قلوبكم إشتهاء..
لا تطلبوا أجراً على جُسد الفاتنات من هُباء،

لاتحرقوا أفئدُتهن بالهجر .. وأتقوا الله أن قلوبهن هواءّ .
مازال في الدنيا ... ضجيج و وصَل
فأنزعوا اليأس .. والحرمان و أوفوا بالنٌذر
تذكروا بدايُة المدينة .. وسورها القديم

وذاك الطريق .. والحانة القديمة .. والمُبسم الجميل
وروح الطفلة . وعيناها البريئة . وسرك الصغير
ونارك الدفٌُينة .... كم للوصل أنذاك في
أوراقك المسكينة ..
.. أهِ من نارك الدفينة ، غرست في ظهر الرهينة

ألف طعنة سكين ، وهّجر
..
طال الحديث فكان سدى
ورأسها بين قدميها ، تذكارً لما مضى
هذا هو القبطان .. سيد الأركان
أميراً لروحي .. وتاج على الأوطان..
قد خان الوصية وإستباح حُرمة الأمان
..

ومازال طفل الذّكرى يلوك فمها .. ويحرك شفتيها:
لاتقسوا على الزمان ، فهو ليس بـ سلطان
ودعوا الوصل للحُمامة ، فالذكرى ندامة
كفاكم أسى على ُأسى

لنرتب أوراق المدينة
فؤادي الذي مات قبل أن يولد
وروح أمي التي غاصت في أزقة الفناء ..
فأمطرت في الصحراء . شيئاً من أمل الله
وأنهارت في البكاء ..

وليس في الأرض شيء أنذاك من الولاء .
..
هنا في بوادر الصحراء .. وإن عبثت بها الغيوم
تظل أصوات النسور ، ونعيب الغربان

تصف لك، جثمان المُوتى في عقور الدار
وإنتظار أم .. لقبر إبن .. ربما دفن في الإبار .
..
دُخلت الباهية في أرواح الساهُرين من أجلهم ..
وجدت رماداً في خاصرُتهم ..
رماداً ، يناشد الوطن بالأسئلة ..
وفي منفى الوطن وإغترابه .. لا يملكون أجوبة.

روح الأم .. منعتقة على أبواب الذاكرة
طيف الأخ .. سمسارًا في الرابية ..
وظل الأخت وجدتهُ نخيلا ً واقفاً على الباب منحنياً
وجداولَ الروح كـ بيت من الطين
كان كل شيء يبكي في صفاء ..

الفأس ، له عويل .. والشجر حّدث ولا مُراء .
لا أمان في أرض الوطن لا أمان ..
ولا مكان لنا في المنفى لا مكان
فأشاحت بوجهها إلى النافذة

فإذا الدمع . مطراً وريحاً سافية
تلُثم التجاعيد والعيون الدافئة .
ومن تعُبها نامت .. وهي واقفة
وعادت بالذكرى إلى الشرق

حيث الشُمس والأرواح التائهة
فصاحت المدينة ، ومفترق الطرق القديمة
على رحيل الفاتنة
فصرختْ.. صرختُ ..
وكانت الدنيا وعيونالبشرية في سبات ..
هيهأت لك هيهأت
وأسرف الوقت في النسيان ..
وعاد إلى التحنان
وفتنة الليل مازالت ساجُية ..
فعانق الماء قدمها ، وكشفت عن ساقيها
فصُحت .. أختشي .. يابلقيس الزمان
فلستُ نبيا ولا أملك عزيمة سليمان ..
وأنتشّى القلب فرحاً ، لشيء خالجه
وأعتقت جزء في كبدي من جوع لذلك

الرُمان ..
..

تاهت الفصول خلف أرجاء الكون
فذاك الصيف .. تبخر من حُره
وذلك الشتاء مات في أحشاءه من زمهريرُه
وروح الخريف تساقطت من الأرق
وبقيّ الربيع .. يخوض في تيهّ ولعب ..
خلعت جسدي .. لـ أرتب مصابيح الروح
وأنسق بقايا الأحشاء .
يا بلاداً في مداخلي .. ماسر الحّراك
ماالثورة .. مالنور ، مالعراك
فأختشت روحي .. من جوفي
وصُنعت لي خرُدة من جلد جُثة هامدة
وتين الله .. لم يُنضح بعد
في النوايا الساكنة .
وفي منفاي
أرتل لوطنّي شيئاً من بقاء
أه .. ويالهفي على وطنٍ يغادرنا
بسبب قبّح الطائفُية وعناصره.
وطنُ أرتقى بالدين .. شيئا من محاسنه
ياوطن الخُلد ، شغلت بك عن تلك الراحلة
أعد لنا حُصة التوحيد .. وشيء من الذاكرة
وخذ هذه الوصُيات الخمسّ عن لقمان
وأنشر في البلاد .. بعضاً من اللطف وأيات القرأن
ودعهم يصنعون من أم القرُى حجة للبقاء ..
أما أنا والفاتنة والليل ، والوطن .

وأنت أيها المنفى
فلنعانق روح الدُين
وننام على أجسادنا السافّرة
..
ودعُت الليل
تلك المُنسية بروح الطفلة
بروح الشُقية
وكانت تستذكر ملامح الشطّأن
وتقرأ بحرص مايُرتله القبطان
فتأمر السفينة ، برحلة لعيُنة
في أعماق الأفتتان ، بروح الشيطان
لتعلّم ، العشاق ، وصية الأنسان
.. فجاهدها التعب .. وغزاها الُشيّب
تعبتْ من البحث الطويل .. في جوانح اللُب
تعبتْ من الركض الذي يمتد من فرح الكأس

وينتهيّ بشهيد أو بـ يأس
وانطلاقات الجذور العصبية ..
إلى انحناءات الكهولْ العنصرية
تعبت من الوطن البخيلْ. الذي يسرف في وصف الأتقياء

ويمدح شيخاً أتى بشيء من الأستفتاء ..
وطنٌ سرابْ أو وطن من ماء
عانق الخُرافة ، فأصبح مقتاً للظرافة
فأنا أبن الثوري .. لا أشعر بالأنتماء

ولدت في عداء .. وموتي نكاحاً في العراء
وطنٌ في تجاويف روحي
وإبتهالات الصلاة
في ظل الله ، أطلب الستّر .. خوف الأملاق

وخشية فقر أخلاق البشر ..
وتُسقيني الأيام جُمرة . على صبرًا وغُمرة
وتعود روحي للفاتنة لتفتشّ عن خُباء
تفتش عن غرابْ.
وطنٌ ترابْ
وروح من عزاء
..

للمطر هناك ونُة
وفي مفترق الطرقات .. سر الكُهنة
إن تدرك الأطراف

فلا مشاعر تأتي إلا
بـ حّنة .. و أنّة
فأغمس روحك لروح الأمس
وحُن لأيام الموج اليأس
وليكن الغيابْ ... فهو أجمل
أختبيء خلف غابات الصدر المهُرطقة

وأتلو شيئاً من الطلاسم المعتقّة
لا أرض في وطني .. الذي يطعمني الملح
لا إبن لي في وطن .. يسقينيّ الزعاق
وطن الضياع ..

ووطنٌ الضبابْ
ياملعب النسور وعشّ الغراب
طلبتْ مداداً من العون

لأنثناء قلبي في ترابك الدافيء
فأرغمت أنفي مذعناً أنفا على غضب
يا ... صرخٌُتك اليائسة .. إستسقت لها المدينة

دمعتها استحالتْ قطرةً فـ فاضت لها أنهار الأرواح الثورية
..
كانت تلك ثرثرتها الصامتة

وعناق الشمس الذي طال إنتظاره
شعاع الأمل الذي سرًى في جبينها
وأنا أذعنت لأنُسها

فأبقيت يدي متلحفة أوراقها
خوفاً من ريح شتُوية عاصفة ،
فأذعنت لسفينتها وأبتعدت ..
فكفتْ الدنيا عن التجديف بيَ
في بحر الغاوية ..
بقيت هناك .
والسماء ترقمني بخُزي .
وكانت عيّني تموج ذلك الجسد بحُنان

الأمُ . وشفتّاي . قد يبست ..
فجَادت لي بشّذى من مبسُمها ..
فعدت عصفوراً .. أسود
يتغُنى كالزرياب
نُحِبُّ ..الظلم لأننا أولاده
نُحِبُّ الهجر .. لإننا أحبابه
نحُب الله . لأنه خالقنا ..

وهو منجدنا .. ومن يمسّس قلوبنا
بشيء من النبل والخلاص والراحة .
نحن الصرخة الأولى .. لطفل وليد
نحن الطلقّ الأول لّأم .. باكية
أنا الأمس .. أنا من قرأ الفاتحّة
هي البحر .. وشياطينّه الساكنة


..

قبل رحيلها وهبُتني شيئاً
خفياً للمساء
رسالة النداء .. والأستنجاد
ونعيماً ، خدُش وغلّف بالحياء .
ففرحتَنا .. بأساءها
فأحببت اللحظة في موت اللحظة
ودفء الوصل . في شتاء الزهُرة
فـ ذقت طعم الأمل ممزوجاً بالرُمل
وأطعمّتني من زيتون عيناهاَ

ما أخُضر وما كان أسود ..
ومن بستان روحها . ومن خُمرة الفّآه
فأدركت أن لله سراً في تلك الباهية
فكان اللقاء ..
هي ..
وكانت غُصن
عذّق ..
وصلاة خُتام ..
وتحيات مباركة
.