الاثنين، 19 نوفمبر 2012

وتريّات










جاءت تحمل الأواني .. وظل الُشمس
على كفّ من مهلَ ..
فاحت فتاة الليل من صباح الزيُتون

فتاهّت في عيون التين ..
وأخضر العُشب والليمون

وكان الثمر يحكي سراً صغيراً
للنخيل

يعطُره بـ ..
تحية الآتين من سفرٍ البلاد البعُيدة
فُخضعت تلك الوجوه شقائقاً
لخُصر ، يضيق بالأحداق

ويسلب النحور ، وماتكن الصدور ..
..
قمراً على الباب القديم العتيق

في كهوف النسيان .. لعالم الأرواح
لعالَمٍ نسي الحديث ، الدين ..
وراح يلوُك الشعر دون إشتهاء
ليصف ثغر الفتاة والشذّى
المذابَ مع ارتخاءِ الشفتين
لوهج يسلب أهل االهوّى والأفئدة
أولَ ما ظهرْت ..
خسفت العُيون ب بديع الدُررّ
سلوّا عن الصبر .. فنسوا ،
نسوا التطلعَ للقمرْ .
ومالسماء والأرض ، وما السحّر
أمتدت على الأنامل .. مد البصرْ.

أتت روح الليل ، حاملة الخبزّ والخمر
أثارت في قلوب الأخرين فتٌُنة و موالا ً،
وأهازيج الصوف .. وعبّاد الصلُيب .

ومالت للحديث فأزهرتْ .
فواعجّبي كأنه هذه الصحراء

لايوجد بها إلا الحجُر !!
قرأت كتاب الله وأمتثلت للكلمات .. وأيات الطُهر
ففاضت عينُاها دمعًا يحكي للنجم سر التأمل والتدبّر
حدُيث القمر .. للهِ . دمعتْ ... مشتْ .. على صّبر
إمُتطت خيول النور في دروب الله وأينعت
للصمت ، بحديث مُختصر:
قالت ، مالنور .. مالأمل .. مالصبر

أيها الراحلون شغفاً بنار الشهوُة
لا النُذر ..

إستروا عرّاء أرواحكم ، بشيء من وعّر
وأرتدوا أقنعة الزيف .. خير لكم من هذا الأمر
أرتقوا وأرفلوا ، قلوب الأخرين ..
واحتموا بوجوهكم خلف أقنعّة الصبر ..

..
أخذها النصُيب بالسهر .. وأتاها التعب
بقيد الأسى.. ليذكرها بأمسٍ وبرُعشة خبر
.. أطال الليل ألتحافهُ ، لخُدرها
فوضعت يديها فوق أعتاب السماء
لتُلاطف عنق الشمس ، وتخبرها بقّدر الضجر
سر إنعتاق الابجدية ، أحتفل بمولد شفتيها في الأحرف

فأسترسلت بها ورضُخت لذاكرة الأمس ..:
لا تزرعوا في قلب فتاة .. أملاً لايعرف الأجهاض..
لا ترتلوا لهُن أيات العذّرية في العشق وفي قلوبكم إشتهاء..
لا تطلبوا أجراً على جُسد الفاتنات من هُباء،

لاتحرقوا أفئدُتهن بالهجر .. وأتقوا الله أن قلوبهن هواءّ .
مازال في الدنيا ... ضجيج و وصَل
فأنزعوا اليأس .. والحرمان و أوفوا بالنٌذر
تذكروا بدايُة المدينة .. وسورها القديم

وذاك الطريق .. والحانة القديمة .. والمُبسم الجميل
وروح الطفلة . وعيناها البريئة . وسرك الصغير
ونارك الدفٌُينة .... كم للوصل أنذاك في
أوراقك المسكينة ..
.. أهِ من نارك الدفينة ، غرست في ظهر الرهينة

ألف طعنة سكين ، وهّجر
..
طال الحديث فكان سدى
ورأسها بين قدميها ، تذكارً لما مضى
هذا هو القبطان .. سيد الأركان
أميراً لروحي .. وتاج على الأوطان..
قد خان الوصية وإستباح حُرمة الأمان
..

ومازال طفل الذّكرى يلوك فمها .. ويحرك شفتيها:
لاتقسوا على الزمان ، فهو ليس بـ سلطان
ودعوا الوصل للحُمامة ، فالذكرى ندامة
كفاكم أسى على ُأسى

لنرتب أوراق المدينة
فؤادي الذي مات قبل أن يولد
وروح أمي التي غاصت في أزقة الفناء ..
فأمطرت في الصحراء . شيئاً من أمل الله
وأنهارت في البكاء ..

وليس في الأرض شيء أنذاك من الولاء .
..
هنا في بوادر الصحراء .. وإن عبثت بها الغيوم
تظل أصوات النسور ، ونعيب الغربان

تصف لك، جثمان المُوتى في عقور الدار
وإنتظار أم .. لقبر إبن .. ربما دفن في الإبار .
..
دُخلت الباهية في أرواح الساهُرين من أجلهم ..
وجدت رماداً في خاصرُتهم ..
رماداً ، يناشد الوطن بالأسئلة ..
وفي منفى الوطن وإغترابه .. لا يملكون أجوبة.

روح الأم .. منعتقة على أبواب الذاكرة
طيف الأخ .. سمسارًا في الرابية ..
وظل الأخت وجدتهُ نخيلا ً واقفاً على الباب منحنياً
وجداولَ الروح كـ بيت من الطين
كان كل شيء يبكي في صفاء ..

الفأس ، له عويل .. والشجر حّدث ولا مُراء .
لا أمان في أرض الوطن لا أمان ..
ولا مكان لنا في المنفى لا مكان
فأشاحت بوجهها إلى النافذة

فإذا الدمع . مطراً وريحاً سافية
تلُثم التجاعيد والعيون الدافئة .
ومن تعُبها نامت .. وهي واقفة
وعادت بالذكرى إلى الشرق

حيث الشُمس والأرواح التائهة
فصاحت المدينة ، ومفترق الطرق القديمة
على رحيل الفاتنة
فصرختْ.. صرختُ ..
وكانت الدنيا وعيونالبشرية في سبات ..
هيهأت لك هيهأت
وأسرف الوقت في النسيان ..
وعاد إلى التحنان
وفتنة الليل مازالت ساجُية ..
فعانق الماء قدمها ، وكشفت عن ساقيها
فصُحت .. أختشي .. يابلقيس الزمان
فلستُ نبيا ولا أملك عزيمة سليمان ..
وأنتشّى القلب فرحاً ، لشيء خالجه
وأعتقت جزء في كبدي من جوع لذلك

الرُمان ..
..

تاهت الفصول خلف أرجاء الكون
فذاك الصيف .. تبخر من حُره
وذلك الشتاء مات في أحشاءه من زمهريرُه
وروح الخريف تساقطت من الأرق
وبقيّ الربيع .. يخوض في تيهّ ولعب ..
خلعت جسدي .. لـ أرتب مصابيح الروح
وأنسق بقايا الأحشاء .
يا بلاداً في مداخلي .. ماسر الحّراك
ماالثورة .. مالنور ، مالعراك
فأختشت روحي .. من جوفي
وصُنعت لي خرُدة من جلد جُثة هامدة
وتين الله .. لم يُنضح بعد
في النوايا الساكنة .
وفي منفاي
أرتل لوطنّي شيئاً من بقاء
أه .. ويالهفي على وطنٍ يغادرنا
بسبب قبّح الطائفُية وعناصره.
وطنُ أرتقى بالدين .. شيئا من محاسنه
ياوطن الخُلد ، شغلت بك عن تلك الراحلة
أعد لنا حُصة التوحيد .. وشيء من الذاكرة
وخذ هذه الوصُيات الخمسّ عن لقمان
وأنشر في البلاد .. بعضاً من اللطف وأيات القرأن
ودعهم يصنعون من أم القرُى حجة للبقاء ..
أما أنا والفاتنة والليل ، والوطن .

وأنت أيها المنفى
فلنعانق روح الدُين
وننام على أجسادنا السافّرة
..
ودعُت الليل
تلك المُنسية بروح الطفلة
بروح الشُقية
وكانت تستذكر ملامح الشطّأن
وتقرأ بحرص مايُرتله القبطان
فتأمر السفينة ، برحلة لعيُنة
في أعماق الأفتتان ، بروح الشيطان
لتعلّم ، العشاق ، وصية الأنسان
.. فجاهدها التعب .. وغزاها الُشيّب
تعبتْ من البحث الطويل .. في جوانح اللُب
تعبتْ من الركض الذي يمتد من فرح الكأس

وينتهيّ بشهيد أو بـ يأس
وانطلاقات الجذور العصبية ..
إلى انحناءات الكهولْ العنصرية
تعبت من الوطن البخيلْ. الذي يسرف في وصف الأتقياء

ويمدح شيخاً أتى بشيء من الأستفتاء ..
وطنٌ سرابْ أو وطن من ماء
عانق الخُرافة ، فأصبح مقتاً للظرافة
فأنا أبن الثوري .. لا أشعر بالأنتماء

ولدت في عداء .. وموتي نكاحاً في العراء
وطنٌ في تجاويف روحي
وإبتهالات الصلاة
في ظل الله ، أطلب الستّر .. خوف الأملاق

وخشية فقر أخلاق البشر ..
وتُسقيني الأيام جُمرة . على صبرًا وغُمرة
وتعود روحي للفاتنة لتفتشّ عن خُباء
تفتش عن غرابْ.
وطنٌ ترابْ
وروح من عزاء
..

للمطر هناك ونُة
وفي مفترق الطرقات .. سر الكُهنة
إن تدرك الأطراف

فلا مشاعر تأتي إلا
بـ حّنة .. و أنّة
فأغمس روحك لروح الأمس
وحُن لأيام الموج اليأس
وليكن الغيابْ ... فهو أجمل
أختبيء خلف غابات الصدر المهُرطقة

وأتلو شيئاً من الطلاسم المعتقّة
لا أرض في وطني .. الذي يطعمني الملح
لا إبن لي في وطن .. يسقينيّ الزعاق
وطن الضياع ..

ووطنٌ الضبابْ
ياملعب النسور وعشّ الغراب
طلبتْ مداداً من العون

لأنثناء قلبي في ترابك الدافيء
فأرغمت أنفي مذعناً أنفا على غضب
يا ... صرخٌُتك اليائسة .. إستسقت لها المدينة

دمعتها استحالتْ قطرةً فـ فاضت لها أنهار الأرواح الثورية
..
كانت تلك ثرثرتها الصامتة

وعناق الشمس الذي طال إنتظاره
شعاع الأمل الذي سرًى في جبينها
وأنا أذعنت لأنُسها

فأبقيت يدي متلحفة أوراقها
خوفاً من ريح شتُوية عاصفة ،
فأذعنت لسفينتها وأبتعدت ..
فكفتْ الدنيا عن التجديف بيَ
في بحر الغاوية ..
بقيت هناك .
والسماء ترقمني بخُزي .
وكانت عيّني تموج ذلك الجسد بحُنان

الأمُ . وشفتّاي . قد يبست ..
فجَادت لي بشّذى من مبسُمها ..
فعدت عصفوراً .. أسود
يتغُنى كالزرياب
نُحِبُّ ..الظلم لأننا أولاده
نُحِبُّ الهجر .. لإننا أحبابه
نحُب الله . لأنه خالقنا ..

وهو منجدنا .. ومن يمسّس قلوبنا
بشيء من النبل والخلاص والراحة .
نحن الصرخة الأولى .. لطفل وليد
نحن الطلقّ الأول لّأم .. باكية
أنا الأمس .. أنا من قرأ الفاتحّة
هي البحر .. وشياطينّه الساكنة


..

قبل رحيلها وهبُتني شيئاً
خفياً للمساء
رسالة النداء .. والأستنجاد
ونعيماً ، خدُش وغلّف بالحياء .
ففرحتَنا .. بأساءها
فأحببت اللحظة في موت اللحظة
ودفء الوصل . في شتاء الزهُرة
فـ ذقت طعم الأمل ممزوجاً بالرُمل
وأطعمّتني من زيتون عيناهاَ

ما أخُضر وما كان أسود ..
ومن بستان روحها . ومن خُمرة الفّآه
فأدركت أن لله سراً في تلك الباهية
فكان اللقاء ..
هي ..
وكانت غُصن
عذّق ..
وصلاة خُتام ..
وتحيات مباركة
.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق