الخميس، 29 نوفمبر 2012

رسائلُ إلى أمّي






ما أشقى الإنتظار ..
ياسلام الله في
الأرواح والأبصار ..
أمي يافاكهة الشتاء ..
ياترانيم الحياة ..
ياطائراً لايضيق بهِ الأفق
جناحُه يرفرف للأمل ..
وبالصبر يتّملق
سلام عليك أيتها العجّوز ..
ليلعّن الله كل داء .. صابك
ويشفيك من سقّم و وباء
سلام عليك ياقطعّة الجنة ..
سلام عليك ياحلوّى الأعياد
..
هذه الشمس التي تمدنا بالحياة
إنتصبت من قلبك وأشرقت من جبيّنك
ولازالت تعطرنا بأشعة التألق والصفاء
وهذا السحاب .. الذي يحمل دموع الفرح
مطراً وبُرد وصّب ..
ليغمر دارك .. ليعانق سجايا فؤادك
إه ما أشهى ذلك الطيف العابر في مُبسمك
يداعبّنا بتلاوات للحياة .. مُبهرة
تمليّء للأخرون دروساً ، وشموخاً ومفخّرة
بالأمس مرّوا من قربنا سيّارة
قالوا .. عجوزاً في الشرق ماتتّ شوقاً
لولدِ لايزال .. أنين يتخبط العشواء
في كل صدر وكل عيّن ..
ويصعد الأهوال كالناطح ..
ويعود لينزل كالحادرة
كم .. من جفّون تستجير بك
كم من شقاء .. تنعّم بمقلتيك
لاتقلقّي يا أماه .. فالفتى
غضاَ وإن الدهر عاداّه
أخبروني .. بأنك دائماً ماتسرقّين
فرحة الليل .. وترتلين لملكوت السماء
دعاءاً وعهد .. وعيُش وسعّد
روأك تارّة
بثوبِ مهتريء قديم ..
تزجّرين السارق اللئيم ..
وتطعمين البائس الفقير
بخبز أو حليب ..
أو شيء من دّميُم
..
وأنا هُنا يا فدّرة قُلبي
في عتمة الليل الحانية
أدعو الله سراً وعلانية ..
متجهاً صوب قبلتك الداّنية
فأنا أخالكِ من .. قصب
وريحانة .. وعوداً مُنتشع مُنتصب
يا أمي .. الحبيبة ياراحّتي
ورائحتي العبقة اللطيفة
قد زرع الله في قلّبي حبك
وجبًا على قلُيب جُبك
سئمت .. الوصفْ في سهول عينيك
فوقعت من علُي .. لأقبل قدميّك
أدعوك يا أمي إلى الُسبات والخلود
فأبنك العاصي .. الجاحد المكبوت
لازالّ طفلاً .. يرى فيك الحياة والصمود .
يتعلم منك درساً .. إنسانياً نبيل
كيف نسقي الماء .. للطيور
ونطعمها شيء من حنطة وبّر
وكيف نفتح صدراً للمسيء
فيحرق بالاحشاء ماأسٍود وما أخُضّر
هذا هذياني يا أمي .. كالنُشيد
تلاوات .. صابرة .. لأمي
أرتلها من جديد ..
فأنا .. شخُص منزويّ
في الركن لي حياة ..
وفي صمتي أرتوي
لاشيء مؤلم كالتفكير يوماً بالفراق
وإن للحياة .. في مماتك .. فراغ
فكيف التنفٌس وأنت الهواء ..
وكيف العيش فيك .. وأنت سر الإختناق
دعواتي .. إلى الربَ العُلي
أن أموت قبل أن أراك
في حُلة من بياض
يسفّ على وجهك الثرى ..
فأنا كما عهدتينيَ
راحلاً مسترحلاً لايهوى البشر
غضاَ بغيضاً .. يعشق السفر
لايقبل العيش بالأنصاف ..
ولايرضى التأقلم .. ولا الأجحاف
حلمي المنشود بات قّريب ..
تدفق الدم بالشريان ...
أصبح صعُيب
والعين مبُصرة ..
بعد أن أموت في حلمي ..
سأعود يا أمي
سأبعُث من جديد
لأحلم فقط .. أن نعود
كالماء في الغيّم
كالشتاء الوليد ..
كالربيع المزُهر ..
وأن نهرب بسرّعة
من كدر الحزُن المضطرب ..
ونسرقالوقت ونعود للكوخ الخّرب
وبالجانب .. يشدُو البلبل
يغني أيات التباشير
وربما "الغراب "
يصرخ .. اليوم عيد
اليوم عيّد ..
فهيهأت ، هيهأت
للوعيّد .. قد ذبل
ومات و أندمّل
وتلك ..
حديقتنا الصفراء
في الخريف ..
ماتت .. بلا ستر
ماتت في العراء
وأطلبك شيئاً من جديد
لاتوقظيني في الفجر الوليد
فرائحتكِ ندُية
وبأنفاس الكون ..
تخُتلط فتولد عذراءَ
صافية المشُرب ..
والهواء .. نقية كـ قلبك
كـ فستانك الزهيّد
..
دعيني أنام في خُدرك يا باهيّة
فلقد ذقت من السير .. التعب
وعدت بلا زاد .. وروحيّ سُرقت
في بحراً يتأجُج وكل شيء منِي نُهب

فلست أملك .. إلاك ..
أنت وحدك في البدايات ..
أنت نور وخاتُمة النهايات
أنت وحدك ذلك الضوء الذي لاينطفَيء
أنت السراج .. أنت القنديل
دعيني أنام .. مغلق الذهّن
ناسياً منسيا .. وفي أحضانك
قوافل .. عائدة
وتجرد . وسفّر وحنين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق