الأحد، 9 سبتمبر 2012

أدّم



حيث يكون الله يكون الأمل ..
تكون الحياة ..
تكون أنت ..!



..

كان ليلاً طويلاً .. والمطر يهطل أثناءه .. شقته الصغيرة التي تقع في حيَ قديم ثاوي بأطراف المدينة ، فوق منزلَ هشَ والمنزل قديم
والسقف متصدع فكانت هناك الدواليك والأواني المنتشرة في الشقة لمحاولة تجميع قطرات المطر المتساقطة عبر فتحات السقف المتصدع .
..
أمسك القلّم ، ونظر إلى تلك الأوراق المتناثرة حول الطاولة .. أرد أن يعبر لكن صوت المطر يشُتت كل تلك الخيوط التي أستجمعها ليرسم فكرة ما ..
وبغضب جامح كسر القلم وهرّع إلى الأواني وركلها بُقدمه وقال .. " يا لعّنة الحظ السيء .. لازُالت تصحُبني .. "
ذهب إلى السرير وأمسك برواية قديمة .. رواية لم يكن عليه غلافاً ، ومن طبائعه الفضول أراد أن يعرف ماهي الرواية من صاحبها ، ما محتواها .. هل سبق وأن قرأها ، هل حقًا ! يدُركها ويعرفها ..
لم يعلم
قرأ المقدمة .. وكانت الرواية ! .. عبارة عن مايسمى بالتوثيق إن أحببت أن تطلق عليها ..
..
هل تؤُد قرأءت الرواية .. حسناً

..

في قرية منفيليد في جنوب مدينة هانوفر الألمانية ، المدينة المعروفة بالجمال ، أو مدينة المعارض ، تشتهر بالسيّاح أثناء الصيف والشتاء لاتكل ولاتّمل ،
فهناك الصيف قريبُا من البرودة ،والشتاء قارص ودافيء بأنفسّ البشرية المتفائلة أثناء الصباح .. وصياح الأطفال وإستهلال العُجز في دورّهم .

كان هناك شاباً ألمانيّ، لا يعرف له إسم .. طويلاً كحال الألمان ، توجد في وجهه ندُبة صغيرة ، وعينان زرقاوان ، وفمّ صغير كحُبة الكرز .
وشعر أصفر مسدولاً على جانبه الايمن ليس بالسبط ولا بالمجعد ، فهو مابين البُين . وأنف طويُل قليلاً مع إنحدار في مقدمته وميلانّ نسبي يتلاقأ بأرنبته ومابين شارُبيه ، أشبه بإلتقاء نهر الرون ، مع نهر الدانوب في بلغراد .

كان هذا الشاب يعمل في سكُة القطار المحلية في هانوفر .. كان عمله يختص في الشبابيك والتذاكر .. أو بالاحرى مايسمى بقاطع التذاكر ، مهمتّه تتركز قبل الوصول إلى المحطات الأخرى ، أن يأخذ التذاكر ويقطعها من الجانبَ الأيمن ..
هناك في المقدمة ..
كان كونراد : سائق القطار . هو من عيّن هذا الفتى أو أدخله بما يسمَى بالصداقة ، ومحبة الخير .
كونراد : يتحدث ويقول عن الشاب . الذي لايعرف له إسمه ، وسمّاه ب، أدم تنبأ بأب البشر أدم عليه السلام ..
يقول " إن أدم شاب كئيب ، ولطيف .. وجزع . لاتعلم كيف تصفه ، فهو لايتحدث أبداً إلا بالجماليات فقط ، والمجاملات كـ صباح الخير ، عمت مساءاً ..
إلى اللقاء ، أهلا وسهلاً .. كلها كلمات دلالية رئيسية ، لديه عينان قويتان ، تشعرك أن هناك نمرًا داخل هذا الشاب ، لاتستطيع أن تفهم ماهو ماذا يريد
عندما تنظر إلى تلك العينين ، تصلي لله خشية أن ينقض عليك ويفترسك ، لذلك كان الناس يتجنبونه ، فهو عندما تحدق بعينيه ، لاترّف عينيه أبداً رغم برودة الجو والهواء اللافح الذي ، يّقرص الوجنتين والعينينَ ويجعلها
تسيل الدموع .. ليس عنده صديقة كحال الشُبان الألمان الذين يعملون في شُبكة القطارات المحلية
.. عندما رأيته لأول مرة أدركت إنني أرى الجنرال أوتوفون بسمارك ، وهو مستشار هتلر الحربي ، وعرف بصلابته وهدوئَه ، وكان قليل الحديث ولايضحك .
أعجبتني شخصيته لأمتثاله للأوامر ، كان أدم رجل يفتقر للأسلوب فهو لايعرف كبيراً أو صغير ، كلما يعرفه أنه يؤدي العمل مثلما طُلب منه كالبيدق أو الجندي الذي نُزعت مشاعره ، ووضَع مكان قلبُه حجرّ قديُم من رخام كـ الرخام الروماني العتيق .
..
أدم على حدّ قول كونراد كان روتينياً بمعنى كلمة روتين . فهو لايعرف إلا ثلاثاً ، سكة الحديد ، والمنزل ، والبحُيرة والنهر .
..
ذات صباح عندما كان كونراد يحتسي قهوته الساخنة ،بكوبّه الحديدي المليء بالصدأ !
جلس يترقب العمال ويميل بعينيه .. إلى الزاوية الأخرى ، لم يسأل هل هناك غائب ، هل الجمُيع موجود .. فجأه سمع بعضَ العمال يتهامسون ويضحكون ..
سألهم ماذا هُناك . وضحك الأول وقال : إن بسمارك " هنا يعنُي أدم " .. قد شوُهد مع فتاة بالأمس .. ربما أستنزفت قوّاه لأنه لم يأتي اليوم .
وضحك العمّال لذلك ، فقال كونراد .. حسُنا كل واحد إلى عمله عيُنوا شخصً أخر مكان أدم إلى حين عودته ، ولايفتح هذا الموضوع
مرة أخرى . حسنًا ، مفهوم .. أجابوا بَنعم وذهبوا ، كلن إلى عمله.

إبتسم كونراد وقال في صوت خافت .. : كل شيء في هذا الزمان يدوُر حتى مخيلَة الزمُن نفسه ..حتى الليل يلُبسه النهار ويكسيه .. وتارة يعُري الليل النهارَ
. ومن يدري ربما كان أدم قدَ إنهار كـ ..
جدار برلين العتيق ، وربما كان هو من هدم الجدارَ بيده ، فالتغيير أتى أتِى لامحالة .
..
في الركن الأخر من المدينة وقرُب منزله الصغير ، أو كوخّه المتهالك قرب بحيرة فانج ، كان منزل أدم . حوله الأشجار ذات الخُضرة الدائمة الصنوبرية
وأشجار العذّق ذات الجذور الطويلية الممتدة تحت الأرض ، مُشكلّة حول المنزل هالة ، محيطة كأنه أم ذات ذراع أسود تحُرس المنزل من الملائكة والشياطين في أن واحد !
..
باب المنزل ونافذته المتهُشمة ، والتي وضع مكانها قطعة قماش صغيرّة تقي َمن الهواء البارد أثناء الليل .
جميُعهم يفتحون ويشرقون على ضفه النهرَ .. حيث تراه بالعين المجردَة وكأنك في قارب صغير لصيد السمك ، تتموج العيُن بأرتفاع نسبه المياه
والأذن تُطرب هناك لترنيمات الماء أثناء جريُانه مع المنحدر .
والأنف يشُتم رائحة الرذاذ المتطاير من تصادم موجات النهر الصغُيرة وتياراته ، وتعانقها مع أوراق الشجّر
لتعيش وتهدأ وتُتفّح في كل صباح ..
،،
على رفَ طاولة الطعام لايوجد هناك إلا كأس حليب ، ورغيفة خبز فرنسيّ . وبعض المربى والجُبن
بجانبها مذياع صغيرَ لايعمل إلا بعدما تضربُه على مقدمته ثلاثاً .. كُـ شيفرة سرُية
وربما لايعمل مدى أيام طوُال .
فوقها لوحة فنية ، لايعرف سُرها لفتاة شبه عارية ، منزوعة الرأس ، لا أحد يعلم من رسُمها ، ربما أدم نفسه، ربما صاحبة المنزل القديم .
عندما تنظر إليها لأول مرُة تشعر أن الأمر مقزز ، وتبدأ بالتفكير ، لمن ، وكيف وأي مُدرسة وأي حقُبة تعود لها صياغة هذه اللوحة .
،،

وفي الجانب الأخر ..
على السرير كان أدم مستلقياً ومعه منُديل طويلَ ليس بأبيض قريباً للحليبي اللؤلؤي . تفوح منه رائحُة عطرَ شرقي
وفي أسفله توجدُ أشبه بالقبله المتقطعُة بأحمر الشفاه .. فالمنديل قديم رُبما مع الأيام تحللّت المادة الكيمائية في لأحمر الشفاه .
.. أدم كان يستخدم هذا المنديل ويضعه على أنفه وفي شفتيهُ . ويتناول الكتاب ويقرأ .. وتارة ينهض إلى الطاولة ويكتب بعض رسائل ، بدون مسمّى ويضعها في سلة المهملات !

أدم مهوؤسًا بالقراءة صامتاً ، ربما كان شاعراً وكاتبُ . لايعرف لهذا الشاب مدخلًا ولا مخرجآ ، فالصمت دائرة الظلام الوحيدة التي تعرف حقيقته.
وهي المؤُدة السامية في هذا الكون التي يثق بها ، وتثق بهَ .!

،،


هناك في سكة الحديد .. إنتهى كونراد من عمله عند حلول الساعة الثالثة والنصف ظهرًا .. أود أن يتوجه لمنزله
ففَكر قليلا وقرر أن يزور أدم في كوخه ..
ذهب إليه وفي منتصف الطريق وجد أدم ينظر إلى السماء ويتمشّى ببطء كالثمل المتُرنح
.. فرفع صوتُه وقال " ماعهُدنا بسمارك متكاسلاً عن العمل ..حتى في سُخرية المرض "

توقف أدم .. ونظر إليه دون أن ترف عينه وسأله . مالذي أتى بك .
قال كونراد ، أتيت لئَطمن عليك فغيابك أقلقني وأثار التساؤلا في العمل كُله .. ،
أطرق أدم دقيقة وقال أنا بخير سأعود للعمل غداً . وليس هناك شيء أخفيه .
سأله كونراد : من الفتاة التي كانت معك ليلة البارحة ..
زاغت عيّن أدم : وضلّ يحدق في كونراد مسُتغرباً ..! ثم قال وما شأنك .
إبتسم كونراد وقال " يالا سعّادة الشاب ، متمسُكا حتى بأتفه أسراره .، حسنا يا بني ألقاك غداً كن يقظاً فالسكة تفتقدك ".
ولّوح له وذهب .

..
عاد أدم إلى المنزل وإبتسم .. ! لم يكن يعلم ماسر الابتسامة لايعلم ماذا يفعل
فهناك شخص في الخمسين من عمره .. أتى إلى منُزله في أقصى القرية ويسأل عنه ويهتم لشؤونه ..
هل تعرف وحدة الألم .. هل تعرف سر أن تكون أنانياً حتى مع ذاتك . إن أدم لايعرف ماهو التواصل ، لايعرف ماهو الأجتماع
لايعرف كيف يصوغ ثلاث كلمات تخرج من لسُانه .. لايعرف المحبة والأخاء والصداقة .
إن أدم كائن مختلف ، كائن بائس .
كائن يعيش الأمس كاليوم ، والغدَ للغُد بلا أمل بلا إنتظار ..

.

عاد أدم إلى الطاولة ليكتب شيء ما ..
كتُب في أول سطر ..
هل الدنُيا دائما تجُبرنا على إرتفاع نسبة الأدرينالين في الدم .. عند حدوث الأمور المفاجئة
أنا لا أعرف طريقة التعبير عن مآهية الاشياء التي أشعر بها الأن ، بالأمس أتتني فتاة ، أو إمراة في منتصفَ الثلاثين من عمُرها بملامح فتاة شابة
أخبرتني إنها تهتُم لي وترقبني من بعيد وأحضرتي إليّ مؤونة وفوق هذا وكله ، سألتني هل أواعد أحداً ! هل لي أصدقاء ، هل لي مايسمى بالطموح ، حلم حيّاة .
والأهم من هذا وكله .. هل هناك فتاة في حياتي أهتم لها وتهُتم لي .. وتغلق جفنيها ليلاً وأنا بين عيَنيها كي لايراني الأخرون !
أنام حيث وتُيرة صوتها .. وأحيا صباحا إن مُر ثغرها قُرب مبسّمي كتعبيراً عن حياة جديدة ..
...
حتى أنها هرُبت منِي وفي عينيها حُيرة لا أعرف ما سببه
تُركت فقط منديلها الُندي .. دون علُمها ربما ستعود لأخذه لاحقاً ، إذا سأنتظر ..

والأن كونراد . يسألني مابي ، ولماذا تغيبُت في باديء الأمر ظُننت أنه العمل فقط .. لكن هذا العجوز يحمل قلُب كقلب تلك المرأة .. ليلة البارحة !
إلهي ماهي الصدفة .. هل هذه الامور كلها وجدانية حقاً ، أم أنها أضغاث أحلاما.. دعني أمزق هذه الاوراق ، ربما تكون خديُعة القدر كالأخريات
ربما تكون الأماني التي طالما رأيتها ، إلهي . أريد سؤالك وأنا مُحرج ..
من أنا ، لما خلقّتني ، من أكون .. ما الأقدار ، مالماء ، مالسماء .. ما الألوان
كلها أشياء أراها ولا أشعر بها ، ولا أدرُكها .. ماسريّ
أرشدني يا إلهي .

..

مضَت الأيام ، وأدم هو أدم .. ربما تغير قليلاً أصبح يذهب إلى أماكن مختلفة ، لأنه بائس ربما ، لم يولد بعد أو وُلد متأخراً في أعين الأخرين ، فهو لايعرف مُعترك ولا مفترقَ .
يشرب الخمر كثيرًا ، يعاشر العاهرات .. في أنحاء المدينة .. لايعلم ماسببَ هذه الضغينة ولماذا يفعل كل هذا ..

ترُك سكة الحديد بعد مُوت كونراد أثر أزمة قلبية .. ، فـ طردوه من السكة لأنه لم يكن يملك مايسمى بالشهادة !
أخذ المال الذي قدُر له .. وأصبح يشتغل أشغال حرُة كـ حمال ، وغسّال ، ولأن طوله جيد وجسمه عريض أصبح أيضا حارساً شخصُيا
ولُكنه كان جلداً وذو كرامة ، فُطرد أيضاً
سّرق، وسجُن .. خرجَ فهرب ، عاش حياة مليئة بالاحداث العشوائية المتتالية وبضربات الحظ والقدر .
بعد ثلاث سنوات من الهجُرة في أنحاء هانوفر وألمانيا .. قرر العودة إلى كوخه الصغير قرب بحيرة فانج .

أثناء عودته وجد .. سيّاج صغير ، و زرعَ بسيط .. وهو يلمس أطراف السياج الخشبي بيده .. وينظر إلى الُزرع
ينظر إلى الياسمين ، ينظر إلى الحشائش الصغيُرة .. في الجانب الأخر هناك الكاميليا هناك زهُرة حمراء لايعرف مسمُاه
هناك ، أيضا وردة بنفسجية .. وهناك وكثُيرا من تلك الألوان ، حقاً إنه شيء مختلف ..

لاح له كوخه الصغير ، من بين ثنايا الأشجار الصنوبرية . عندما عاد و وصل باب الكوخ ..
رائحة المكرونة مع الخضار ، تفوح في أرجاء المنزل ، نظر قرب الأريكة كل شيء تغُير حتى موضع السرير حتى الطاولة
مع أضافات كثيرة في الأثاث
تلك اللوحة منزوعة الرأس قد أُزيلت ..
هناك أيضا المذياع الصامت ،إختفى
أخذ يتأمل المنزل
.. سأل بصوت خافت ، من هُناك ..
فإذا بنفس المرأة تلك التي حمُلت إليه الجبن والمربى والتي كانت أول إمرآة تخُلي عن ذاتها وعن حياتها في الملاهي الليلية ، لتكُسب لقمة العيَش
ولتتقاسم فتات الخُبز والأمل والحياة مع هذا المسكُين دون معرفة شخصية وثيقة.
هي ذاتها ، التي فعلت كل هذا .. إبتسمت إليه وقالت ها أنت قد عُدت .. كان مصدومُا ولم ينطق ، عانقته رغُم عنه رغم طولّه
.. قالت له مابك : إبتسم لها ، ولم يفعل من قبل . سألته أسئله كثيرة أين أنت ، أين كنت ، ماذا فعلت ، هل أحببّت ،
ماسبب هذه التعرجات في وجهُك ، إن لحيتك كثيفة ، إن رائحتك سيئَة ..

ذهب إلى حوض البانيو ليغتسل .. فوجيء بوجودهُا هناك .. قالت له أنزع ملابسك .. فأستدار وجهُه خجلاً . فنزعت ملابسه وأخذت تغسله كالطفل الصغير
كالوليد ، كالمطر حينما يغسل السواد في قلوب البشرَ ..
وضع يدُيه على عورته ، وقال هل هناك فوطة .. هرعت لتأتي إليه بالفوطة وهو مستغُرباً منقاداً منصاعاُ لأفعالها لايعلم ، لما لايّردها وينهُرها ..

بعدما أرتدى ثيابه .. لم يجروأ يوماً واحد على إفتعال الحديث ، قط
سألها بنظرات مُصوبة إلى الطاولة ، وهي قرب الفرن تنُتظر نضَج المكرونة .. قال : من تكونين ولما كل هذا .
ذهّلت قليلاً و وجههُا أشتد ومال الأحمرار نظراتها إلى الفرن ، دمعت عينُها . أرادت أن تخُبره .. أرادت أن تقول له شيئاً يحرق غُلها وجوفها .
شيء يؤُرق عاتكها ، مثقلَ أيامها .. يجعل منها ليلاً بلا قمر ..
إبتسمت كعادتها ، وقالت أنا جينثا : أعمل في عدة مقاهي ليليةَ ، وفي بارات أيضَا .
قال وبكل جرُأه ووقاحة إذا أنتي عاهرة ؟ فهو لم يكن لبقُا طوال حياته ،
صعٌقت جينثا من تلك الكلمة وصمّتت .. هو لم يتأسف .. ، بعد دقيقة صمت ، قالت نعم أنا عاهرَة .
قال حسُنا .. كلانا بأئس، قالت صدقت .

مضت الأيام وجينثا تذهب أواخر النهار وتعود في الصباح .. كل الليل تقضيه في الحانات ..
وكان أدم يعد لها الطعام ، وينتظرها .. لم يشأ أن يكلمها عن هذه الامور فهو لايعرف طريق أخر ، لأنه مصدر الرزق الوحيد لهما
كل شخص يحتفظ بأسراره ، في خباياه لايتدخلون في شؤون الأخرين .. ربما يتافقمون في الامور ويمارسون مايمارسون من حياة يومية
فكلُن له جانبه وله طريقته في الحياة لأنهم لم يعرفوا معنى الأشتراكية ، إلا أن جينثا مختلفة فدائماً ماكانت تضحي بأشياء لأجل أدم .
،،
إلى أن أتى يوم ،
يكللّ بالألم ، يحمل في طيأته المعنى الحقيقي للوُحدة .. يحمل الأسى ..
كانت جينثا متوترة .. لاتعلم ماذا تقول ..
أخبرته أنها ستذهب إلى المقهى ، والحانة هذا اليوم . وربما تتأخر .
ذهبت والدموع تملؤ عينُيها .. ذهبت إلى طريق لاتعرف مدآه
هناك شيء في قلبها يحرقُها .
يجعل أنفاسهاَ كموقد قديم لايصدر منه إلا الضجيج ..
تركت رسالة بسيطة تحت وسادُته .. تركتها أثناء أحتضَانه لها ، وناماً نومًا عميق ..
ــ
كان أدم متبلداً في الحسُ .. لأنه نشأ على هذه الامور ، من الغرابة والوحدة فـ الأمر سيُان في نظره ..
ذهب إلى السرير يستلقي ويفكر في جينثا .. لم يعلمَ ماهناك أو مالسر الذي تُكنه الوسادة تحُت راحُتها .. مالفاجعة !!

مضى اليوم كله وهو مترُنحا .. زال النهار ، فأخذ الوسادة ورمى بها على المراءة ، كان الظلام قد حّل
رغم إنه رمى الوسادة إلى المراءة إلا أنه لم ينظر قط ماتحتها ..

نهض وأخذ معطفه ولم يكف عن التفكير في جينثا .. ينظر في الكوخ في زواياه ، هناك قرب الفرن كيف تضحك
هناك عند النافذة عندما تهتف إليه أن الطعام جاهز .. في السُرير كيف ينام في خدرُها .. مالحياة حينما يضع رأسه على صدُرها
كيف كان أخر عناق وأحتضان ..
ماهو الفراق .. لماذا ؟
كيف كانت تلك الأعين الرمادية المليئة بالألم . .
أخذ بعض الحصأ ويرمي في البحُيرة والنهر .. حتى أنتصف الليل .
عاد إلى الكوخ و سريره ، والظلام حالك ، أشعل الفتيل .. وذهب بحثًا عن الوسادة
عندما كان يبحث عنها ، هناك ، رأى أنعكاس الضوء على المراءة .. هناك شيء غُريب في عيُنيه ..
ظل يقترب حّتى رأءها بوضوح .. ماهذه أنها ، الدموع . مسحُها بيديه ربما البُرد خارجاً قد تغلب عليه !

أخذ الوسادة ووضعُها على السرير قرب رأسه .. ريثما كان يضعها ، وجد الورقه .. أخذها ووضع الوسادة ذهب إلى الطاولة أرأد أن يضعها هناك أو في سلة المهملات
ربما هي رسالة أخرى من تلك الرسائل التي يكتُبها دون عنوان !
..
لكن هذه الورقة غريُبة هناك أثار ماء عليها .. هناك أثار إندلاق الحبر وجريانُه أثناء تمازجه بالماء .. لا لحظة إنه ليس بماء .. أنه دمعّ !
فكرّ ، إنها من جينثا . أخذها بهدوء ، قرر أن لا يقرأها ، ربما لن ينام الليل .. فهو متُعب .
وبفضول عارمَ وغمُرة وشوق ولهفة .. قرر أن يقرأ

كتبت جيثنا إليه ..

عزيزي أدم .. عندما تقرأ هذه الرسالة فأعلم بأنني رحلت ولن أعودُ ! فلقد كذبت عليك ..
هناك ماينُغص حياتي بقربك هناك مايجعل قلبي يحترق ألماً لما فعٌلته .. ربما الأقدار من فعٌلت
سأخبرك سرًا بسيطا عني ..

عندما كُنت في السابعة عشر من عمري .. كانت أمي تعمل في منزل أل لوفرين وهي عائلة أرستقراطية نمساوية نبُيلة
كانت لهمُ مصانع جلود ومعارض مجوهرات في فرانكفورت وفي هانوفر ، يأتون كل ريفّ هُنا إلى قصرّهم المشيد
كانوا طيبين إلا إبنهم .. جيفرين .. عُليه اللعنة !

ذات يوم عندما أحسست بالعطش وكان الوقت متأخراً . كان جيفرين عائداً من حانة النبلاء في دامنتيك لافَوف ..
ذهبت إلى المطبخ ولم أعلم بأنه كان هُناك .. سمعت صوتُه يتخبط بأرجاء المنزل الفسيح .. هرعت إلى صنوبر الماء لأشرب .
وفجأه أحسست بشيء يلوي ذراعي ويشُتم رأسي ويتحسسُني..
لم أستطع المقاومة ، لم أعلم لماذا ، شعرت بالخوف جسدي لم يستطع أن يحملني .. وكان جيفرين يهذي بكلمات بسيطُة
ويقول ، بلوتشي ، ها أنتي بين يّدي ياعزيزتي .. ، كانت بلوتشي عشيقة جيفرين ولكن بسبب ثمُله وشربه المفرط ، هجرته
كان يمسك بمعصمي ويدي اليمين على ظهري ويقول ها أنا سوف أجعل الحياة حمراء كلوُن شفتيك ..
خنقني حتى الأغماء وأغتصبني ..! ومازلت عذراء ..
لا أعلم لماذا ، ماذنبي مافعلته ، هل هذا كله بسبب العطش ! أه كم أكره الماء ..
عندما حل الصباح ، وأنا لازلُت مغّمى علي بسبب الألم وبسبب الدم الذي نزفته أثناء فتقه لعذريتي ولخنقه لي ولأنه شخص ساديا
ضلّ يضربني ، فلما فرغ مني نام على الأرض ، وأنا بجانبه .
أتت أمي إلى المطبخ فصرخت .. حسبتّني ميُتة ، وأستيقظ جيفرين وعلم بالأمر وأدرك مافعلّه فأخذ يهذي لأمي لم أكن أعلم ، ويلتمس الأعذار .
أتى أبويا جيفرين ، ولم يكترثوا للأمر ، أراد أن يخرسون أمي ، فأغروها بالمال ولكّنها أبّت ..
ولم يكترثوا لها فَتحدثوا إلى دكتور رايان ، ليكتشف هل أنا حاملَ أم لا ، فلما أكتشفوا الأمر ووقع الحمل قرروا التخلص من الجنين
بأعطائي إبرة مشّوه للمبيض .
أمي رفضت ، ولكن لاحيلة لها ، ظلَت تصرخ حتى أختطفوني إلى سانت ديفيفور وهي حديقة خاصة بـ أل لوفرين ، أرادوا أن يتخلصوا مني ومن الجنين
فهربت ، ربما قدرّ ربما..! ، غريُب أن كل شيء حدث صدفة ..
كان كونراد هو حارس تلك الحديقة . كان يعرف أمي جيُداً
هو من ساعدني على الهروب وأيضا بعد فترة من الزمن ، ترك الحراُسة وتوظف بسكة القطار حتى أصبح سائقاً وقائدُاً هناك ..
عشُت ثمانية أشهر من الألم من الحرمُان حاولت أن أجُهض لكن خفّت ، خفت كثيراً لا أعلم ماهو الطلّق لا أعرف الألم ..
حتى وضعت الطفل .. بثمانية أشهر كان ناقصاً ويحتاج لرعاية طُبية .. لم يتاونا كونراد عن مساعدتي ، فأعتنِ بي وأخذ الطفل ووضعه في ملجأ
مضت الأيام وأنا أرقب الطفل من بعيد .. حتى شاء الله أن يتغُير مساري وأبحث عن لقمّة عيش هانئة لي ولذلك الطفل لم أستطع
لم أستطع ، أن أعول نفسي أيضا .. فأنا فتُاة في السابعة عشر من عُمرها ، وتحمل طفلاً .. هل تعرف ماهي إنها المراهقة العاهرة !
جيفرين كان نقطة السوء في حياتي لقد حول حياتي لجحيّم .. رضخُت لواقعي وأصبحت عاهرة حقدت على الأرستقراطيين والنبلاء اللعينيَن..
أردت أن أعذبهم والأن بعد هذا كُله هل عرفت من هو هذا الطفل الذي أعتنى به كونراد ، الطفل الذي كان قاطع التذاكر في سكة الحديد ،
الطفل الذي مايزال صامتاَ غاضباً على الدنيا ، والقدر ، لايعلمّ ماسبب معيشته لا يعلم ماسبب إنحناء قدرته ، ماسبب عيَشه بلا هُوية .
نعم إنه أنت يا أدم .. أنت إبني ! أنت الحقيقة النكراء ! .. أسفة أدم لم أستطع أن أعيش معك أكثر فكلما رأيتك ، أحسسّت بالذنب .
أنا الأن مريضة في سرطان الرحُم ، وكلها أيام قلائل وسأكون تحت الثراء .. سامحني أدم أرجوك سامحني فلا أعرف ماذنبي ، هل أنا حقاً مخطُئة
لابد من أن يأتي يوماً وتعرف هذه الحقيقة لتُنزاح كل هذه التساؤلات ، سيأتي الشفق قُبيّل الفجر ليلون لك السماء ، لا تيأس ياعزيزي لتبدأ حياة أخرى بعد أن عرفت هذا كٌله .

وداعاً عزيزي .. جينثا


..

بعدما فرّغ أدم من قراءة الرسالة ، بقي صامتاً وضعها برفق على الطاولة .. وضع رأسهُ على الوسادة
لم ينّم ، لازالت أعيُنه شاخصتين ، يتصور جيفرين يتصور ، أن هذه المرأه الرقيقة هي أمه ..
يتصور أل لوفرين ، يتذكر كلمات كونراد العجوز المبتُسم عندما قال " لاتحزن يا بنُي كلنا أولاد الخطأ والرغُبات "
فكُر وتأمل في تلك الكلمات ، الأن أدرك مقوُلة العجوز .. نعم أنا إبن رغبة جُنسية وإغتصاب فتاة في السابعة عشر من عُمرها
.. ضلّ يشتم وهو صامت ، ليتهم شوُهوا مبيضَها ، ربما الأن الأمر بخير.. لا لا تستحق .. فهي طيُبة ، ليت تلك الأبرة وضعت في عين جيفرين أو في دماغه
ليتشوه عليه اللعنة .. ، لو كان الأمر بيدي لقتلته الأن ولو عرفته ورأيته .. لا أنتزعُت أحشائه ..
لماذا ، أعطني سبباً ؟ لو لم تأتي إلي وتخبرني لكان الامر أفضل .. صحيح أن حياتي كانت أشبه بالجحيم قبلها ، وأضافت إلي سعادة الدنيا
ومعنى الحنان والانتظار والعيش من أجمل أملَ أشدوا وأصبوا إليه.
، ولكن كل هذا أصبح هباءاً منثورا . الأن عُلمت سري ، أنا ولد الخطيئة أنا اللعُنة التي تمشي على هذه الأرض .
أنا الخطأ فما خوفي من الخطأ ..
ضلّ يثرثر ويثرثر ، يهجو ويشدوا ، يبكي ساعة ويترنح ساعة ، كل هذه الامور تدور في صمت خافت ، لايسمع له مسُتكن
فقط صوت الهواء قرب النافذة هو من تشعرّ به ، وترنيمة أصوات الماء عند النهر والبحيرة ..

مرّ أسبوع كامل ، وهو في حيُرة من الأمر ماذا يفعل .. هل يبحث عنها ، هل يدعها وشأنها ..
نهض باكراً يوم السبت وأخذ يتمشى سويعات الصباح الأولى حول البحيرة ..ولازال يفكر بـ جينثا
هل يفكر بـ جينثا حقا كأم ! .. أم أن هُناك شيء يخفيه القدر وسريرة النفسّ ..
مضت الأيام ولازال محتفظًا برسالة جينثا ، لايعلم أين هيّ بحث عنها بأرجاء البلاد .. حتى أتاه الخُبر
إن جينثا ماتت لم يكن موتها بسبب السرطان الذي أكل رحُمها وفتك بـ بميضَها وشوهوّها
إنما عندما كانوا يجرون عملية إستئصال الرُحم .. نفذّ دمها ولم يجدوا له دم مشابه لـ عينُتها .
قال في نفسه أنا إبنها ، ربما لو أنها أخبرتني أو كنت أعلم لأعطيتها مايحتويه هذا الجسُد الهزيل من دّم .
ماتت جينثا وهي في الثامنة والثلاثين من عمرها .
بعد فترة طويلة عُلم مكان قبرها فـ ذهب إليه لم يعرف مايقول ، هل يترحم عليها . هل يجوز أن يترحّم على مغًتصبة ! أو يُترحم لحال عاُهرة !
لايعرف سبباً للمجيء إلى رفاتها . ، قال : جينثا ربما لستُ وحدكِ من كان ينوي أن يعطي الأخر رسالة ، أنا أيضاً .. وددّت ولكنُ سبقتيني.
فـ ترك رسالته بقرُبها ..
ووضع باقة من الصباُر والكادي ، الملّتف حوله .. تعبيرًا عن مدُى مشاكسة الأيام لُها .

عاد أدم إلى كوخه الصغير ، وقرر أن يرحل ، أن يستكشف هذه الحياة .. ترك كل شيء خلفه ، كتُب كتابه هذا الذي تقرأه
ورحل ، رحل بعيداً لايعلم أين يتجُه أن يسير فقط يتخبط خبط عشواء .. في هذا الكون الفسيح
.
كل الأخبار عن أدم لا أحد يعلمها .. هناك من يقول أنه توفي بسببّ مرض السل من شدة البرد عندما كان متجهاً إلى سويسرا ، عبر جبال الألب
وهناك من يقول أنه مات بسبب الجوع ..
وأيضا يقال بأنه كان مسخاً وليس حقيقة وأنما شُبح مفترأ .. وهناك من يهذي ويقول أنا أدم .!

وفي الحقيقة أنّ أدم ، موجود في كل ذاتِ بشرية في ألمانيا بسبُب طبقات النبلاء .. هناك الكثيرين من أدم
هناك أولاد الخطأ .. هناك الأغتصاب ، هناك العذرية المنتفضَة .. في تلك البلاد .. ربما الكُل أدم بسبب مايعيشونُه !

..


لم يدرك الشاب الذي كان يقرأ الرواية أن المطر توقف . أن الشمس قد أشرقت ، وأن الصبُاح قد وُلد من جديد ..
نظر إلى نفسه وقال .. مالذي أتى بك! .. أخذ ينظر إلى النافذة وينظر إلى الشمس ، يتخيلَ ويتأمل الكوخ وأدم وجينثا ، واللعين جيفرين
وأم جينثا ، والعجوز كونراد .. وبحيرة فانج ..

وأخيراّ تذكر .. ، رسالة أدم التُي لم تكتب في الرواية .. بعد وهيَ :

قبل مجيئك كل شيء كان أسود .. حينما كان الهواء هو السبب وراء الأختناق ، حيث اللاشيء من الحياة
، كانت الحياة مجرد موت لحُظي صعب المنال
يفتك بجسدي شيئاً فشيئاَ ..
رأيتك من ُنور هل أنت ملاك ! لم أسالك قط .. ربما أنت ملاُك عاثوا به فسادا .. ربما أنت فسادًا ورضُيع للشيطان !
حقاً العيش هنا صعُب في أرض الموت .. طالما حلمنا بالموت ولكنه صعُب المنال .. فالجُبلة الأنسانية هي البقاء للأمل .
..
إن قلبي يكاد يتوحش بعد رحُيلك .. لايوجد هناك من يريد أن يستوطن هذه القفّار حيث الأشلاء .. والرماد
أنت وحدك من أردت أن تروّي عطشي وتسُكن في هذا القلب ، فرضَت عليه حُبك فأحببتك كأول يوم أرى فيه وجَه الأمل ، .. أول إمراة تسرق الشجّرة وتدع الغُربان الثاوية بلا مأوى .. تسرق الثمّر ، من أرض جدبُاء
أنت من زرعتني حولَ النهر ، أنت من أسقيتني ماء الحياة
لم أخف من شيء مطلقاً قبلك .. وبعدك كل الامور التي لم أخّفها ، الأن أخافها .. هناك مايؤرقني هناك مايجعل حياتي كالوحل .. كالمستنقع .. إن كان لي حيُاة !
ها أنا الأن ، أعيش للذاكرة ، أعيش لك . أحبك لوجهيّن .. أحبك لأنك حملت العُهر تاجً فوق جبينك لأبنك الذي لايعرف ماهيّ الحقيقة ..
وأحبك لأنك أول فتاة إبتسم لها ثغُري .. وأول يوم ولادة في خاصُرتي وفي قلبي .. وكبّدي
دمتِ قرُيرة العين في قبرك .. ياحُب حياتي ويا أملي
أنت هُنا في رحيلك ربما غُيابك الأن هو الشفيع
ربما وحُده الصمت يكفيني ..
جينثا أنا وحيداً بُعدك
جيثنا رغم كل هذا الألم الذي يحيط بيَ
فأنتي شمُس لاتغيب ،
كل يوم تشرَقين وتتلونين في السماء
، ربما الله يلطف بيّ ويجعل مستقري في مسُتقرك .
صلاتيَ لهُ ودعائي ونحُيبي .


أدم
..

زاغت عين الشاب لقد عاد من النسُيان بدأ يعرف مالحقيقة ،بدأت خيوط الحرير المنسوجة من شجّرة النسيان ، تتقطع
بدأ ليلَ الغسق التغُشية بالزوال ، ظهر القمر
لقد علم أسمه علم من يكون هذا الشاب .. أو أدم ، عندما تذكر تلك العبارات .. كانت قابعه في مؤُخرة الركب من الذاكرة .. في النسيان في اللأذاكرة ..
عادت إليه جينثا خيالاً ليعانقها .. ، ظل يهذي ويهذي ولم يدرك نفسُه بأنه قرب النافذة ، ينظر إلى شيء نحُن لانراه .. يعانق عصفوراً يعانق سحابة ..
وتارة يعانق الوهٌم فيصحو ، .. يعانق نفسه . فلم يدرك أنه قُرب حفة النافذة .. وشاءُ الله أن تزل قدمه ويسقط .. على جبُينه ورأسه من سطح المنزل الهُش
لم يعرفوه . في بادي الأمر إلا بعدما رأوآ ذلك المنديل في يدُه اليًسرى .. وتلك الرسالة في يد اليُمنى
قام أحد الرجال وأخذ المنديل ووضعه على جُبينه ، خوفاً من تأثر الأخرين بـ ذلك الجرح الذي يعلو هامُته ومقدمة رأسه .
..
.. أعتلت الاصوات وأجتمع الناس ، ياللمسكين ، من هذا .. إنه الشاب القابع في منزل السيد ألدريث ..
لايستحق .. ماذا حُل به .. " لقد وافته الأمنُية المنيّة ! " ..
لقد ماتَ أدم بعد أن تذكر حقيقته بعد أن عُلم مالذي كان ينتظره ، فيماكان يفكر بعد أن عاد من النسيُان .. خطفه الموت
لأن الواقع ذاته " يرفض أن يعيش أولاد الخطُأ والرذيلة والرغبات الجنسية والنفسية عليه، ويتعايشون معه "
لذلك مات أدم .. بشفَة زرقاء ، وعينان باردتّين ووجهُ أبيض كالقطن .
وجبُهة تحمل لافتات الذّل والهوان .. من وهُن الدنيا وربما
تخُبط الحياة يمُنة ويسرّة ..



تم

ملاحظة : إن كل ماقيل في هذه الرواية
أو القصة .. هُو مجر إختلاق روائي وقصّا
فقط ، جميع المُدن وأن صح بعضها
مجرد تفكير وخيال ورؤُية
ربما هذه القصة تعانق الصحيح ، والصواب
وربما تختلف معهَ ..
لأن الله وحده يعلمّ أين تكون الحقيقة جرداَء عارُية للعيُان .
..


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق