الخميس، 4 أكتوبر 2012

دُعاء الكروآن




مدخّل :

صوتك أيها الطائر العزيز يبلغني فتنتزعني انتزاعاً من هذا الصمت العميق، فأثب وجلة مذعورة، ويثب هو وجلاً مذعوراً، ثم لا نلبث أن يثوب إليها الأمن ويرد إلينا الهدوء، فأما أنا فتنحدر على خدي دمعتان حارتان، وأما هو فيقول وقد اعتمد بيديه على المائدة، دعاء الكروان! أترينه كان يرجع صوته هذا الترجيع حين صرعت هنادي في في ذلك الفضاء العريض!!".
ما زالت أصداء صوت الكروان تتردد على صفحات طه حسين رغم بعد الزمن، فكروانه الذي سطر من خلاله هذه القصة الإنسانية المعبرة عن حال المجتمع المصري في تلك الآونة، كروانه ذاك، كان رمزاً لأنثى تصدح بأحزانها عبر المدى، لا من مجيب سوى الصمت وترجيع الصدى والصمت .


رأيَ ونُظرة :

مطرقاً وأفكر ، كيف .. أن يبرع كاتب كفيف في التصوير فترى ريف مصر يتحرك أمامك؟ أم أن ينفذ إلى نفس فتاة فيرتبط القاريء بمن لا يعرفها ولا وجود لها إلا على الورق؟ أم أن يخرج السرد عن السعي وراء الثأر بهذه الرقة وهذا الرُقي؟ لا يعيبها في رأي إلا السمة المميزة لطه حسين؛ الإطناب. ومع ذلك فالحكاية التي بلغ عمرها 78 عاما مازالت تتمتع بحضور طاغٍي

لم تكن منشودةَ لم تكن فاتنة ، ربما العرّب هم شقّين وحدهم من يكتبون والأخرون متعلًمين ولا يقرأون .. قلّة قليلة ، وزمُرة كثيرة تمُتع بصرها بما تراه ..
لم تدرك الرواية ولم يكتب لها أن تُدرك ، إلا بعد أن مُثلت وعرضت في السينما المصرية
ولاقِّ الفلمِ نجاحاً مبهراً كبير .. حتى أن بعضهم ذهب ليعيد قراءة الرواية ليبحث عن أحداث ربما تغافلها النص أو السيناريو في الفلم .


مقتطفات :

فإذا ابتسم الصبح و أشرق الضحى و استيقظت الحياة ذابت كل المروعات .


أنما هو الحب .. هو الحب الذي يطمع في كل شئ و يرضى بأقل شئ، بل يرضى بلا شئ، بل هو سعيد كل السعادة ما وثق بأن بيتاً واحداً يحويه مع من يحب و يهوى. هو الحب ما في ذلك من شك، لكن الشك المؤلم المضني إنما يتصل بالقلب.


لم تكن غريبة هذه الصداقة بيني و بين هذا الشاب على ما كان بيننا من الأئتلاف و الأختلاف؟ أكانت صداقة خالصة ام كان وراءها أكثر من الود الذي يكون بين الأصدقاء؟ .


يالأ قوة النساء! لقد آمنت منذ ذلك الوقت بأن لا أحد لها.
يا لمكر النساء! لقد آمنت منذ ذلك بأنه لا أخر له ولا قرار.
يا لقدرة النساء على الكيد و براعتهن في التلوين و نهوضهن بأثقل الأعباء و ثباتهن لأفدح الخطوب.



هذا الحب الذي اختصمنا فيه وقتاً طويلاً و سكتنا عنه وقتاً طويلاَ، و لكنه لم يسكت عنا فما أظنه قد أمهلك يوماً كما أنه لم يمهلني ساعة. أم ينبغي أن تنتهي هذه الحياة الغامضة إلى ما يجب لها من الصراحة و الوضوح .



أليس من العجب أن يكون هذا الضوء الذي أخذ يغمرنا شراً من الظلمة التي خرجنا منها؟ إن احدنا لن يستطيع أن يهتدي في هذا الضوء إلا أذا قاده صاحبه. إن العبء لأثقل من أن تحمليه وحدك، و إن العبء لأثقل من ان احمله وحدي فلنتحمل شقاءنا معاً حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .


إنني لأخشى إن انجابت عنا هذه الظلمة و غمرنا الضوء أن يكره كل واحد منا النظر في وجه صاحبه .



لكن هي نفس الإنسان ضعيفة حقاً و قوية حقاً. لقد أقبلت علىّ نفس سيدي كما أقبلت على غيري تلتمس عندي الحب و لذاته و آثامه، فلما وجدت مني إمتناعاً و صدوداً عنه و نفوراً ملحاً منه، أعرضت عن الحب و لذاته و آثامه، أو أرجأت الحب و لذاته و آثامه و تعلقت بي أنا، تريد أن تقهرني و تغلبني على أمري و تنتصر عليّ و تظهر مني بما تريد .



بل أصبحت عاجزة كل العجز عن أن تخلو إلى نفسها في يقظة أو نوم، إنما هي مستصحبة هذا الشاب إن حضر و مستصحبة هذا الشاب إن غاب. لا تهم بالخلوة إلى ضميرها حتى تجد صورته ماثلة فيه، ولا تمد عينها إلا رات شخصه .


سأكون وحدي صاحبة السلطان المطلق على بيت هذا الشاب و على قلبه إن أحببت! فقلبه مباح لمن يحسن الوصول إليه و الاستيلاء عليه .


نعم أستطيع أن أنظر إليكِ و لن أستطيع أن أنظر إلا إليكِ و أنتِ أتطيقين أن تنظري إلي ؟ أمازلتِ تضمرين لي الانتقام
" و لم أجب إلا بما تجيب به المرأة المغلوبة التي انكسرت نفسها و ذاب قلبها".


أنما الأشباح و الخوف و الفزع واليأس بنات الليل يطمئن إليها و تطمئن إليه و تستظل به و يبسط عليها ظله المظلم المخيف .

ليتني أستحيلُ ظلاً .. فأفهم كيف هو حديثُ الظلال .. !!


ها أنت ذا تبعث صيحاتك يتلو بعضها بعضاً كأنما هي سهام من نور تلاحقت مسرعة في هذه الظلمة فطردت عن نفسي ذهولها .


إنما هو الهيام في الأرض والسكر بهذا الشراب الخطر الذي نسميه حب الحرية والذي يكلفنا
كل تلك الأشياء الجميلة التي نعيش من أجلها وخلقُت ووجدت من أجلِنا !



في النهاية :

تفكر كثيراً كيف لأعمى لم يرى الألوان .. لم يرى الحياة حقاً .. نشأ بعيداً كان فقيراً قبل أن يكون أعمى ، طفلا بائس كحال فقراء مِصر ، فقد بصرَه بسبب دواء خاطيء منحوه إياه ..
وُلكن رغم فقدانه لبصره ، رّتل لنا قدره أجمل أيات الترانيم والأبداع والفكر ..
مبدعاً في الوصف ، وهو لايرى .. مسهباً في الخيال وهو أجمِـل مابه ..
كل هذا يترجُمه طه حسين .. طه الأصرار والعزيمة والتحدي
الملفت في الرواية
هو استخدامه لأسلوب المتكلم عوضاً عن الروائي و أتقن رسم الصورة كاملة، رغم أن هذا أسلوب فيه نوع من الصعوبة في رسم المواقف كلها...لا أتذكر من الرواية سوى أحداثها التراجيدية و لغتها الشاعرية .

،،

لتحميل الرواية :

http://www.4shared.com/file/34482468...ified=da17f0f5


شُكراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق