الأحد، 2 سبتمبر 2012

أنا كارنينآ


حنيني يصوبني قاتلاً أو قتيل
ومازال في الدرب درب لنمشي ونمشي إلى أين تأخذني الأسئلة؟
أنا من هنا وأنا من هناك ولست هناك ولست هنا
فقط انتظرها ,
ولا تتعجّل , فإن أقبلت بعد موعدها
فانتظرها ,
وإن أقبلت قبل موعدها
فانتظرها,
وبعد البدء :
هل تذكر تلك الليلة !
..
Crow



نبذة :

الكونت ليف نيكولايافيتش تولستوي من عمالقة الروائيين الروس ومن أعمدة الأدب الروسي في القرن التاسع عشر والبعض يعدونه من أعظم الروائيين على الإطلاق. كان تولستوي روائي ومصلح اجتماعي وداعية سلام ومفكر أخلاقي وعضو مؤثر في أسرة تولستوي. أشهر أعماله روايتي (الحرب والسلام) و(أنا كارنينا) وهما يتربعان على قمة الأدب الواقعي، فهما يعطيان صورة واقعية للحياة الروسية في تلك الحقبة الزمنية.

كفيلسوف أخلاقي اعتنق أفكار المقاومة السلمية النابذة للعنف وتبلور ذلك في كتاب (مملكة الرب بداخلك) وهو العمل الذي أثر على مشاهير القرن العشرين مثل المهاتما غاندي ومارتن لوثر كينج في جهادهما الذي اتسم بسياسة المقاومة السلمية النابذة للعنف. التحق بجامعة كازان عام 1844م، ولكن طريقة التدريس لم تعجبه فهجرها إلى الأعمال الحرة عام 1847م. وبدأ بتثقيف نفسه، وشرع في الكتابة. في تلك المرحلة الأولى من حياته كتب ثلاثة كتب وهي (الطفولة) 1852م؛ (الصبا) 1854م؛ (الشباب) 1857م.

سئم حياته تلك فالتحق بالجيش الذي كان في حرب في القفقاس وشارك في بعض المعارك ضد جيش المريدين بقيادة الإمام شامل. لكنه أحب القفقاس وأثرت فيه حياة شعوب القفقاس وكتب عن تجاربه تلك موضوعات نشرت في الصحف، وألف عنها كتابه (الكوزاك) 1863م الذي يحتوي على عدة قصص. وبعد تقاعده من الخدمة العسكرية سافر إلى أوروبا الغربية وأعجب بطرق التدريس هناك. ولما عاد لمسقط رأسه بدأ في تطبيق النظريات التربوية التقدمية التي عرفها، وذلك بأن فتح مدرسة خاصة لأبناء المزارعين. وأنشأ مجلة تربوية تدعى ياسنايا بوليانا شرح فيها أفكاره التربوية ونشرها بين الناس .


أنا كارنينا
..

مدخل :

هل الوقوع في الحب فجأة يعطي عذرا للمرأة أن تتخلى عن واجباتها في الامومة و حيال المجتمع ..... قد تتكرر هذة السقطة كثيرا في مجتماعاتنا و قد يحتار الكثيرون لايجاد مخرج منها
انه احساسها بالقيد يخلق احساساً بالذنب حيال مجتمعناالذي يفرض عليها قيودا و هي تطمع في حرية اختياراتها
الغريب هنا ان يظل زوجها معلناً موقفه بتعذيبها كزوجة له و عشيقة لرجل لآخر ليظهرها بانها المخطئة و هو الذي على صواب.
انطفاء الحب بين انا و فرونسكي أكثر من مرة حسب مواقف برود ردود افعالها في مواقف ثابته لربما احساس الرجل باخلاص المرأة لزوجها قد ينال احترام الرجل الآخر لها وهو اهم من الحب الذي جمع بينهما و لكن واجب العلاقة الذي لا يستطيع الانفصام عنها هو الذي يلح على ضميره و يضعه في وضع الالتزام بالوفاء بالةعد اتجاهها.


و لكن شخصية ليفين استوقفتني كثيرا .... حبه للسلام و هدوء قراراته و رغبته للعيش في الريف و تعثره في اتخاذ الخطوة الاولي للتقدم بالزواج بكيتي وانزوائه عن حياة المدينة و ترفها قد استشعرت قرب ليفين الي نفسي كثيرا.


طوال قراءتي للرواية كان يزداد إعجابي بتجسيد الشخصيات لأفكار تولستوي في الحياة، قد ظهر ذلك في ردود أفعال المحيطين بها في سلوكها.
تأتي روعة هذة الرواية في تأرجح شخصياتها بين البراءة و الآثامة، ثم بين الإحساس بالذنب و الإستقامة ذلك الصراع المتكرر الذي لا ينتهي بين الطيبة و الشر ،، باختصار إنها تجسد نفوس بشرية تنتقم و تسامح على إستحياء، رغم إحساسها بواجب الإنتقام هل تعرف لماذا وجب الإنتقام ، لأنهم بشر يجتمع فيهم الطين و التراب متكوماً و أحياناً يخفو و يومض فيهم شذرات من النور والملائكية .



رؤيُة :


في أكثر الأمور حساسية ..
لماذا صفة الخيانة تطغى على صفة الإخلاص !!
الرواية رائعة جداً ، استطاع الكاتب ابراز مبررات " آنا كارنينا " وتقديمها على أنها توازي أسباب خيانتها
بل إنه ترك للقارئ حرية الوقوف في صف أي منهُما ..
أعتقد بأن الزوج يستحق من يتعاطف معه ..
ولكنني عندما أتذكر بأن الزواج يمنح مُلكية الجسد بسبب ورقة
أراها تتلاشى أمام عاصفة العشق المغلفة بالروح والقلب ،
لن أقول عنها ، زوجه خائنَة بل سأقول إمراءة وفَية لعشيقها !
..

العنصر الذاتي في الرواية أعطى هذه العمل ديناميكية أكثر عبر شخصية قسطنطين ليفين. تلك الشخصية التي لم تكن إلا تولستوي نفسها. كتب تولستوي عن نفسه في هذه الرواية وعبر عن أكثر أراءه بشكل حاد. من سيقرأ بعض ما كتب في مذكرات تولستوي سيجد أغلب أفكاره مطروحة في شخصية ليفين. من أنا؟ وأين أنا؟ ولماذا أنا ؟ وما هو هدف حياتي؟ والأهم : أين الله؟ من هو الله؟ وكيف أحيا بوجود الله؟ ماهو الوجود؟ ولماذا أنا موجود؟ هذه الأسئلة لإنسان مغرق في الشك - وملحد - كانت ذا تأثير عميق في الرواية, وتفنن تولستوي بتصويرها بأروع ما يكون التصوير الفني. كان ينقص ليفين اليقين لكي يرتاح. كان الصراع النفسي والديني يشتعل سريعاً ويثور في أوقات مفاجئة. الجواب يظهر في نهاية الرواية بشكل رائع جداً. يقول تولستوي :" بعد سنتين من هذه الحياة مع الشعب, حدث في تحول. إن حياة أمثالي من الأغنياء والمتعلمين لم تبعث في نفسي إلا الإشمئزاز, وبدت لي فارغة من المعنى. ظهرت لي جميع أفعالنا ومشاغلنا الفكرية وفنوننا وعلومنا بمظهر جديد. حينذاك استطعت أن أرى الأشياء جميعاً بوضوح". هذه الحقيقة التي بحث عنها الكاتب بكل تعطش لليقين يجدها في كلمات الفلاح البسيط :" إنه يعيش من أجل روحه, ولا ينسى الله". إن أحلام ليفين عن حبه للمرأة وعن حياته العائلية إضافة للتأثير الهائل الذي أصابه من موت أخيه كل هذا كان من حياة تولستوي الشخصية. وتفاصيل علاقة ليفين وكيتي , كتفاهمهم بالحوار عن طريق كتابة الأحرف الأولى للكلمات, وقراءته ليومياته قبل الزواج وخوفه ورغبته بالفرار, ويوم العرس, وطبيعة الأيام الأولى للزواج, وأشياء كثيرة أخرى تصور علاقة ليف تولستوي بصوفيا أندريفنا عندما كانت مخطوبة له, وبعد زواجهما. حتى مشهد حصاد القمح الرائع في الرواية, لم ينتج هذه المشهد إلا من تجربة الكاتب الشخصية, كان مثل ليفين, يفتخر بأنه لا يقل رشاقة وعناداً من الفلاحين.

تبدأ الرواية بهذا السطر " جميع الأسر السعيدة تتشابه, لكن كل أسرة تعسة فهي تعسه على طريقتها". وبعد قراءة أول سطر يتفنن تولتسوي في تعرية الأسر التعيسة - وعلى طريقتها الخاصة-. قصة الأسرة السعيدة تحتاج إلى بحث عميق ومفصل, من خلالها يصل تولستوي إلى قناعة بأن الإنسان الشريف والمفكر لا يستطيع أن ينقذ الأسرة من عواصف الزمن, إذا كان يعاني من شعور القلق الداخلي وعدم الارتياح, حتى لو تأسست الأسرة على قواعد سليمة . ثم تقترب خطوط الرواية بشكل متوازن لكل من آنا و فرونسكي, وليفين وكيتي, عبر جو من القلق وانتظار الحلول. ويقود التحليل لهذه العلاقات إلى فكرة تعاسة العالمين لكل الأبطال. هذه الرواية عبرت عن الذنب الإنساني والجريمة الإنسانية في ظروف غير عادية. كان الشر موجوداً قبل وجود تلك الشخصيات التي أُجبرت على الكذب. تنسج صورة بطلة الرواية " آنا " في النص الأخير من معالم إيجابية وسلبية. لم تعد مثالاً عالياً سماوياً لأبطال الرواية, إذ كانت متعنته أحياناً وحادة ومنفعلة. كانت إنسانة أرضية متحمسة " لست مذنبة كون الله خلقني هكذا, أن أكون بحاجة أن أعشق وأعيش".



مقتطفات :

" إني أعتبر التغلغل إلى اعماق مشاعرك وأحاسيسك تطفلاً لايحق لأحد أن يجنح إليه ، حتى ولو كان زوجك ..
بل إني على يقين من أن لمثل هذه الخطوة عواقب وخيمة ، لأن المرء إذا حاول استكشاف الروح رأي في الغالب مايبطنه ويخيب أمله ..
فشعورك ملك لك ، شعورك موكول إلى ضميرك "




" أولى بك أن تسلم المسألة للقدر ، فالزمان كفيل بحل اعقد المشكلات "


" يجب أن تنهضِي من فراشكِ في ساعة مبكرة ، وأن تقولي لنفسكِ كلما استيقظتِ : أنا علَى خير ما يرام ، أنا قوية سعيدة ، وسَأخرج مع أبي في جولة بعيدة "



"الحب . هراء ! ماهو الحب وأين نجده في هذه الأيام ؟
- الحب ياسيدتي أساس كل زواج !
- كلّا .. فالزواج السعيد هو الذي لم يكن وليد حبٍ عنيف "


" هذا نقصكم جميعاً أيها الرجال ، تركبون الأهوال لتنالوا رغبة النفس الجنسية ، وتبسطون اليد للمال لتدركوا أوطاركم من النساء ..
إن المرأه هي حياتكم .. إنها الهواء الذي تستنشقون ، والطعام الذي تأكلون ، والماء الذي تشربون !
هذا ماعاينته فيكم معشر الرجال ، وهذا ماعهدته غيري من بنات حواء "



" حطمتني الكارثة ياعزيزتي فأمسيت شبح رجل ! إنني الآن أخاف من كل شيء بل من نفسي فما العمل ؟
- سؤال لاجواب له .. استمر ، تكلم ، ففي الكلام تفريج ، وفيه سلوى القانط المكروب
- انني لا آسف على شيء فقدته ، لأن مافقدت لا وجود له في رأيي واحساسي !
لا أملك نفسي من الإعتقاد أن الناس لايعتنون اليوم بشيء قدر اعتنائهم بأخباري "



" كنت أظن أني انتهيت ، ولكني حييت ، وسوف أحيا وأقوى ، ولن تنال مني خيبتي ماعجزت عن نيله آلامي البائدة "



" لاترزح تحت ثقل اليأس ، لاتدع روحك تأن ، فليست هذه الصدمة إلا ثمرة من ثمرات الحب .. ولك الحمد ، فأنا بخير مادام قلبك عامراً بالمحبة والإخلاص "



في النهاية :

ليو تولستوي كاتب عظيم ، ربما هو كان أعظم كُتاب الادب الواقعي
أنذاك في روسيا بل ، في العالم كلهَ ..
إن ليو يتنفسَ برئة واحدة هي ، رئةَ الألم الذي تقاسيه الشعوب
في تلك الحقبَة ، كان ليو
الملهم الأول للأدباء ثم للشعب ..
أن ليو هو رمزاً للأنسانية رغم أختلاف أراءه
وكما يقول : " فأنا بخير مادام قلبك عامراً بالمحبة والإخلاص "

لتحميل الرواية :

http://www.4shared.com/office/gpvH_3S-/____.html


شُكراً


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق