الخميس، 6 سبتمبر 2012

أنا ، والضفّدع !


أعز مكان في الدُنا سرج سابحَ ..
وخيُر جليسُ في الزمانِ كتابُ

،،
 الُمتنبيَ

..


لي رحلة طويلة مع كتب إدارة الوقت، لم تقع عيني على كتاب في مكتبة أو معرض للكتاب يتضمن كلمة الوقت إلا واقتنيته، والسبب هو محاولة الموازنة بين تمدد مشاغلي وانكماش وقتي.. وهي الشكوى العامة للجميع وخاصة من ينتمي للتعليم. أو كونِي طالباً أنذاك في الفترة الماضية ... حتى وقعت على كتاب لـ(برايان ترايسي) وهو كما يقال أكبر خبير في إدارة الوقت في العالم..أعجبتني فكرة الكتاب لطرافتها، كان اسم الكتاب: (ابدأ بالمهم ولو كان صعبًا أو (التهم هذا الضفدع).
يقول: (إذا كان عليك أكل ضفدعين فابدأ بالأبشع، وهناك قول آخر بأنه إذا كان لديك واجبان مهمان، فابدأ بالأكبر والأصعب والأهم أولاً).
الأعمال والضفادع ما المشترك بينهما...ربما.. البشاعة..
عمومًا لن ألتهم أيًا منهما..! بل سأتخلص منها على طريقتي.. وبما أنه لا توجد بحيرة قريبة ألقيها فيها.. فسأكتفي بأن ألقيها من النافذة لتأكلها القطط الوحشية !!!
رجعت إلى البيت وطابور من الضفادع الصغيرة والكبيرة والمتوسطة يلاحقني..
عمومًا حاولت أن أنجز مهامي بطريقة ترايسي.. وأن أنجز أولاً أكبر المهمات وأبشعها وأقضي عليها ثم أتفرغ للمهمات الأخرى الصغيرة .. ولكني فشلت..وبجدارة..
هل الخطأ فيّ أم في ترايسي؟؟ أم في أعمال المعلم التي لا تنتهي...... ونظرة واحدة لمهام المعلم. تكفيني مؤونة التبرير.... فمابين عمل ورقي سجلي... وعمل ميداني جسدي... يُطحن المعلم...أما إذا ابتلاك الله برئيس..يتمسك بأهداب النظام وشعره وأظافره وندوب وجهه...عندها يتحول كل عمل صغير إلى ضفدع ضخم يلتهمك أنت بدلاً من أن تلتهمه ...
واكتشفت مع هذه النظرية شيئًا هامًا وهي أن المعلم مصاب بمرض، هو عمى تحديد الأولويات..لماذا؟؟ لأن كل أعماله أولويات، ولا يوجد هام وأهم.. فما بين سجل التحضير اليومي الذي يُقْسِم بدلاً عنك أنك شرحت الدرس... وحضور الحصص اليومي إلى الحراسة وضبط الأمن والنظام فيما يطلق تلطفًا (مناوبة)..إلى إعداد الاختبارات وأشباحها.. ودفاتر الطلاب التي تقضي على وقت راحتك الصغير في المدرسة..مرورًا بالأنشطة الصفية واللاصفية... وليس انتهاء بإعداد المهرجانات والحفلات... مما يجعل محاولة إنجاز كل هذه الأعمال تمامًا مثل محاولة التوازن و المشي على الماء..
ومع كل الأعمال يمتاز المعلم بميزة فريدة أنه الموظف الوحيد الذي تلاحقه أعماله إلى البيت وتزاحم وقته.. وتدخل معه حجرة نومه حتى إذا نام خرجت له في الحلم على هيئة ضفادع بشعة..تنقنق بمرح..
وأكاد أجزم - وعلى مسؤوليتي- أن كل من حققوا إنجازًا يذكر في التعليم، لم يكن ذلك إلا سحبًا من رصيد صحتهم النفسية والجسدية وتضحية بحياتهم الشخصية...لصالح حياتهم العملية..
نظرت إلى ضفادعي وهي تتقافز حولي وتنقنق على رأسي.. فما كان مني إلا أن أدرت لها ظهري ودخلت حجرتي ورحت في نوم عميق...
إذًا كل نظريات إدارة الوقت وإدارة الأولويات لن تجدي المعلم نفعًا ما دام يمارس كل هذا الكم الهائل من الأعمال..بلا تمييز..
إهداء من ترايسي:
- لتكن سعادتك وسعادة من تحب هي هدفك الرئيسي من إدارة وقتك.

..
في النهاُية نخَتم بقول أبا محُسد :


لمن تطلب الدنيا إذا لم ترد بها
سرور محب أو إساءة مجرم ..


في النهاية
كان هذا الحوار أو النقاش ، مع مُعلَم
صالَ وجال في مهنة التدريس ، تناقشَت معه
فخرجت برُؤية له وخرج بمقولاتَ لي ..
لُنكتب مادُمنا قادرين على التواصل مع الأخرين
رغم الحواجز اللعينة التي يفرضها علينا الوقت
إذا لَنتنفَس بهدوء ، وندعي كل ماضيَ يمضي إلى ماهو ماضِ إليه .
شُكراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق