الأربعاء، 29 أغسطس 2012

النظرات


نبذّة :

هو مصطفى لطفي بن محمد لطفي بن محمد حسن لطفي أديب مصري من أم تركية قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي فذ ,و صياغة عربية في غاية الجمال و الروعة.لم يحظى بإجادة اللغة الفرنسية لذلك أستعان بصاحب له كان يترجم الروايات و من ثم يقوم هو بصيغتها و صقلها في قالب أدبي رائع . كتاباه النظرات والعبرات يعتبران من أبلغ ما كتب بالعربية في العصر الحديث.
ولد مصطفى لطفي المنفلوطي في منفلوط إحدى مدن محافظة أسيوط في سنة 1289 هـ الموافق 1876م ونشأ في بيت كريم توارث اهله قضاء الشريعة ونقابة الصوفية قرابة مائتى عام ونهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو دون الحادية عشرة ثم أرسله ابوه إلى الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده وقد اتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبعد وفاه أستاذه رجع المنفلوطى إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الادب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي و أبى العلاء المعري وكون لنفسه أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه.
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه. وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي وكان على خلاف مع محمد عبده، ونشر في جريدة المؤيد عدة مقالات تحت عنوان النظرات، وولي أعمالاً كتابية في وزارة المعارف ووزارة الحقانية وأمانة سر الجمعية التشريعية، وأخيراً في أمانة سر المجلس النيابي.
للمنفلوطى أعمال أدبية كثيرة اختلف فيها الرأى وتدابر حولها القول وقد بدأت أعمال المنفلوطى تتبدى للناس من خلال ما كان ينشره في بعض المجلات الإقليمية كمجلة الفلاح والهلال والجامعة والعمدة وغيرها ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهي المؤيد وكتب مقالات بعنوان نظرات جمعت في كتاب تحت نفس الاسم على ثلاثة أجزاء.
من أهم كتبه ورواياته:
النظرات (ثلاث جزاء). يضم مجموعة من مقالات في الأدب الاجتماعي، والنقد، والسياسة، والإسلاميات، وأيضا مجموعة من القصص القصيرة الموضوعة أو المنقولة، جميعها كانت قد نشرت في جرائد، وقد بدأ كتبات بها منذ العام 1907.
العبرات. يضم تسع قصص، ثلاثة وضعها المنفلوطي وهي: اليتيم، الحجاب، الهاوية. وواحدة مقتبسة من قصة أمريكية اسمها صراخ القبور، وجعلها بعنوان: العقاب. وخمس قصص ترجمها المنفلوطي وهي: الشهداء، الذكرى، الجزاء، الضحية، الإنتقام. وقد طبع في عام 1916.



مدخل :

في هذا الكتاب "النظرات" مجموعة من المقالات التي كتبها
المنفلوطي بأسلوبه الراق العذب السلس يلقي فيها الضوء
على بعض ما استوقفه في المجتمع أيامه ,لكني
في غاية الانبهار والدهشة فاذا به يحدثني أنا , ويتحدث عن عصري
وكأنه كتبه في هذه الايام ! بالتأكيد غيرت نظراته كثيراً
من آرائي.

ويوجد به مجموعة من القصص معظمها مترجم , قام هو بصياغته بلغته
وبأسلوبه فأعطاه نكهة مميزة , فقد هزتني قصة "ماري" زوجة السياد المسكين
التي تعيش في كوخ فقير بائس , وقصة "ايلين" الفتاة الرقيقة البريئة
التي يقودها الاحساس بالانتقام الى تجربة غيرت فيها الكثير لكن ما لبثت أن
عادت الى براءتها ورقتها مرة أخرى.. ومقاله رداً على رسالة ذلك الفتى الذي
فقد سمعه واراد تعزيةً فكانت رسالته مفاجأة لي غيرت كثيرا من تفكيري!..
والكثير غيرهم من النظرات التي شدت انتباهي وحركت شجوني.

بالتأكيد كان هذا الكتاب بداية لتفكيري في اعادة نظري الى الأدب وفي
قراءاتي المستقبلية, وكان أولها أني اقتنيت بعض الأعمال للمنفلوطي
لعلي أواصل استمتاعي بما أنجزه هذا الفّذ


نظُرة ورؤية :

أعترف بعجزي عن النقد بموضوعية عندما يتعلق الامر بالمنفلوطي، من جهة اجد في سلاسة اسلوبه و بعده عن التكلف و تسلسل المنطق في طروحاته لذه افتقدها في غيره ، و من جهة اخرى المثالية الاخلاقية و الرومنطقية التي تلف جميع كتاباته بشكل او اخر تخلق لدي -احيانا- نوع من الضيق وتترك انطباع ال"انصاف حقائق".
لعل المنفلوطي من اوائل الكتاب اللذين درّجوني على الاختلاف الادبي بعد ان دفعت لقراءته من قبل صديقتي التي تعتبره من الاعمق تأثيرا من بين اللذين طالعت اعمالهم. و سواء اختلف او اتفقت ، امام رقة المنفلوطي في التعبير
أذهلني جداً حتى تملك كل أحاسيسي .

قرأتُ هذا الكتاب منذ سنوات و أذكر أنه كان على مستوى ربما يفوق عمري آنذاك
بحيث يتميز أسلوب المنفلوطي بشئ من التعقيد و العمق في التشبيهات والمفردات
و لكني حصلت في النهاية على كومة من السطور التي استوقفتني دونتها في مذكرتي و أحتفظ بها حتى اليوم .


مقتطفات :
و جاز لكل انسان أن يقتل كل من يخالفه فى رأيه ومذهبه
لأقفرت البلاد من ساكنيها .


لا تأس على مافاتك
فِ إنما كان [وديعة] من ودائع الدهر ، أعاركها برهة من الزمن
 ثم استردها ! .


لا سبيل إلى السعادة فى الحياة إلا إذا عاش الإنسان فيها حراً مطلقاَ
لا يسيطر على جسمه وعقله ونفسه ووجدانه وفكره مسيطر إلا أدب النفس .


ليست الفضيلة وسيلة من وسائل العيش او كسب المال وانما هى حالة من حالات النفس تسمو بها الى أرقي درجات الانسانية وتبلغ بها غاية الكمال .


أكثرُ الناس يعيشون في نفوس الناس أكثَر مما يعيشون في نفوس أنفسهم
أي أنهم لايتحرَّكون ولا يسكنون، ولا يأخذون ولا يَدَعون إلا لأن الناس هكذا يريدون .


أنت شريفاً في نفسك ، فكن شريفاً في حُبك .


يجب أن ينفس عن المرأة من ضائقة سجنها لتفهم أن لها كيانا مستقلا، وحياة ذاتية، وأنها مسؤولة عن ذنوبها وآثامها أمام نفسها وضميرها، لا أمام الرجل.
يجب أن تعيش في جو الحريّة الفسيح وتستروح رائحته الأريجة، ليستيقظ ضميرها الذي أخمده السجن والاعتقال من رقدته، ويتولى بنفسه محاسبتها على جميع أعمالها، ومراقبة حركاتها وسكناتها، فهو أعظم سلطانا، وأقوى يدا من جميع الوازعين المسيطرين .


لأم هو الينبوع الذي تتفجر منه جميع عواطف الخير والأحسان في الأرض .


المرأه
أنها تفهم معنى الحياة كما يفهمها الرجل، فيجب أن يكون حظها مثل حظه.
أنها لم تخلق من أجل الرجل، بل من أجل نفسها، فيجب أن يحترمها الرجل لذاتها لا لنفسه .


يقولون أشقى الناس في هذه الحياة هم العقلاء ، ويقولون ما لذّة العيش إلا للمجانين ! .



أيها الغد ..
إن لنا آمالاً كباراً وصغاراً ، وأماني حساناً وغير حسان ,،،
فحدثنا عن آمالنا أين مكانها منك ؟ وخبرنا عن أمانينا ماذا صنعت بها ؟ أأذللتها واحتقرتها ، أم كنت لها من المكرمين ؟
لا ، لا صن سرك في صدرك ، وأبقِ لثامك على وجهك ، ولا تحدثنا حديثا واحداً عن آمالنا وأمانينا ، حتى لا تفجعنا في أرواحنا ونفوسنا فإنما نحن أحياء بالآمال وإن كانت باطلة ، وسعداء بالأماني وإن كانت كاذبة .



ليس معنى الوجود في الحياة أن يتخذ المرء لنفسه فيها نفقا يتصل أوله بباب مهده وآخره بباب لحده ثم ينزلق فيه انزلاقا من حيث لاتراه عيم ولاتسمع دبيبه أذن حتى يبلغ نهايته كما تفعل الهوام والحشرات والزاحفات على بطونها من بنات الأرض، وإنما الوجود قرع الأسماع، واجتذاب الأنظار، وتحريك أوتار القلوب، واستثارة الألسنة الصامتة،وتحريك الأقلام الراقدة، وتأريث نار الحب في نفوس الأخيار، وجمرة البغض في قلوب الأشرار، فعظماء الرجال أطول الناس أعمارا وأن قصرت حياتهم، وأعظمهم حظا في الوجود وأن قلت على ظهر الأرض أيامهم .



أنا لا أقول إلا ما أعتقد, ولا أعتقد إلّا ما أسمع صداه من جوانب نفسي, فربَّما خالفتُ الناس أشياءً يعلمون منها غير ما أعلم, ومعذرتي إليهم في ذلك أن الحقَّ أولى بالمجاملة منهم, وأن في رأسي عقلاً أُجِلُّه عن أن أنزل به إلى أن يكون سيقةً للعقول, وريشةً في مهاب الأغراض والأهواء .


إن الإنسان الذي يمد يديه لطلب الحريه ليس بمتسول ولامستجد، وإنما هو يطلب حقا من حقوقه التي سلبته إياها المطامع البشريه، فإن ظفر بها فلا منة لمخلوق عليه.



السبب في شقاء الانسان أنه دائما يزهد في سعادة يومه ويلهو عنها بما يتطلع إليه من سعادة غده، فإذا جاء غده اعتقد أن امسه كان خيرا من يومه، فهو لاينفك شقيا في حاضره وماضيه .



تمَ

في النهاية :

عندما قرأت للمنفلوطي النظرات ، كانت طويلاً جدا في سلسلَة ثلاث كُتب
وجُمعت في كتاب واحد سمُي بـ الأعمال الكاملة .
في البداية ، كان السرد طويلاً ومملاً ، لكن أكثر مايشَد إنتباه القاريء
هو بديع تصوير وفلسفة وحس المنفلوطي في إيصال الرسائل والمُبتغى
.. قرأتها مرُتين في سن الخامسة عشر ، وفي التاسعة عشرَ ..
ما أجملها من بلّوغ ، ومن مراهقة . فالأبحار مع المنفلوطي
أشبه بالحياة السرمديُة في عالم لامُتناهي من جمالياتَ وأحداث
 و وقائع .


لتحميل الكتاب :

http://www.4shared.com/office/4fC4eiw-/_-_.html





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق