الاثنين، 27 أغسطس 2012

أنا ، وأبي ، والعيـَد



في صباح اليوم ، المسمى " بـ العيد " كانت هناك فرٌحة عامرة في أرجاء المنزل
كان هناك من يبتسَم ، وهناك من ينظر إلى المراءة لـ يتزُين ويعدُل حلٌته وملبسهَ .
وهناك أخر يركض وراء الأطفال ، ليُقبلهم .. كان بيتنا اليوم مليئاً بالصخب والأصوات
فهناك من يكُبر وهناك من يهللَ وهناك من يغنيَ وهناك من يسُلم ويقبّل .

،،

كُنت في معزلاً عن الأخرين وهذا الصوت والدوي .. بعد ثلاثينً يوماً من تناولها في الليل فقط .
آن الأوان لـ أتناول القهوة في الصباح ، فكُنت أغمَض عينيَا مع كل رشفة وأجعُلها تعطر أنفي بعبقهاَ .
كنت لا أطيق إنتظار الصبُح حتى يأتي بُغيومُه المحملة بالأمل الوليُد
والصمت الفقيد .. ومع أستهلال الناس في التكبير ، أنا أكبُر أيضاَ بـ فنجان القهوة .
،،

مرت الدقائق فنهضت وُلبست مالبستَ مالدي من ملُبس وذهبت هناك إلى المجلس
لُـ نعايد أو نهنيء الأقرباء والأهل والأصدقاء والزملاء ..

..
رأيت ما رأيت من الوجوه ، فهذا شخص أعرف أسمه ولكنِي لم أرُى وجهه قط
وهذا وجهُ أعرفه ولكن لايحضرني أسمه ، وهكذا مابين شد وجذّب وبسمات زائفة مسروقة .
وتحيات مسبوقة بنوعّ من العطر الخارجي ، لا عطر القلوب الصادق ..
..
بعد الساعة الثانية عشرّة ،
كسلَت وذهب الأفواج لٌُخدورهم
عندما وضعت رأسي لأنام بدأت أتسائل ، لما هذا كله
أين أنا منهم طوّل هذه الأيام ، أين هُم مني
أيننًُا جميعُا .. أنظر إلى أبي وجديَ في حديثهم مع بعُض ومع كبار السُن
فلا يوجد شيء غريبَ منذو الصغر وأنا أرى أبي وجدي على هذه الحالة
..
ليس هناك إلا صمتًا مطبق بين منهم بـ سني وإبتسامات ،" من باب السخرية أظن
وليس من باب الصدقة ، والأخاء"
..
لم أعرف أحداً إلا قليلا .
..
تذكرت حديث والدي ونصائحُه التي لا أخذ بها غالباً " فكلانا مختلفين من وجُهات النظر "
..
تذكرت مقولته عن الرحٌم والوصل والأثار المترتبة عليه ، وعلى قطيعته من مساوء
رأيت اليوم مساوءه و ماوجُب من حقَه ، رأيت مايكفي لأدلي بصوتي لأرى كيف تتنفس الأيام صمتُنا المطبق .

..
يقول والدي أن الرحم جُنة الدنيا من حياة ووصال ، وأن القطيعة خسرٌآن وضياع في الشمل والتفرقة .
نعم أنا أؤيده في هذه النقطة ..
لكُن ، لكنُ
يا أبتي أن الجيلّ تغير وأن الجينات التيُ ورثتموها من أباءكم أو من زمُنكم قد أختلفت
سأصف لك ماهي حالنا في هذه الأيام :

أولاً : تأتي لُمن تسمونهم بالاقرباء .. بقصد عفيف وشريف ، زيارة وتطُمن على الأحوال والأخبار
فليس يكون هناك غير بسُمة لاتعرف من أين تفسرها .. وصمت جاهل .
ولاتكاد تفضَي بكلامك حتى ينسحب ُ من مجلسك ويدعك وحدك في المجلس ..
أو يهُمس لأخيه أو من بقربه .. " وش جابه هذا " .

ثانياً : التأثيرات الخارجية في فضاء العولمة الأن ياوالدي كانت سبباً رئيسياّ في ذلك
من وسائل أتصال جماعية أو ، محادثات أو وسائل دردشة ، أو التواصل بالفيديو أو الصوت .
كلها عوامل مؤثرة فلم يعد هناك حاجة ُ للأخاء بيُننا والتقارب .

ثالثاً : فحُوى الصمت ،والجيل الذي كٌُنتم تعيشون بهَ قد تغير كثيراً فلم يعد هُناك .. سبباً واحداً يعترينا ، صحيح أنك أوصيتني بأن أكون طيباً ومتساهلاً حتى لو أنهم لايريدون صلتِي .
ولكن يا أبتي لا أطيق هذا الأمر ،

أ- ينظرون إليك بأعين أخرى كأنك شخص أتيتهم فقط للحاجة .

ب- زفيرهمَ ، صمتهم ، إنحناء رؤُسهم على الأجهزة أو الهواتف المحمولة كلها وسيلة تجُاهل .

ج- هروبهم من أمامك في الأماكن العامة ، وتجاهلك " أي عدم معرفتك " سبب أخر للكراهية المتبذلة .

..
أبتي لا أريد أن أقول أنك خاطيء ، لا وربي أنك لصحيحًا تسير على الصحيح
فالرسول صلاوات ربي وسلامه عليه أوصانا بذلك ..
ولكنُ هذا الجيل : لاتستطيع أن تضع الأبرة والخُيط في أقمشته
فلم يعد هناك شيء ، نستطيع نُسجه .
لذلك لاتُلمني أن كُنت أنفصامياً في التواصل .. بين من تدعونهم بـ أقربائي
..
أبتي إن مفهوم العيد بالنسبة لي ، بعد هذه المسُيرة في النظر في حياتك
وحياُتنا وحيُاة جيلك وجيُلنا .
مفهومُه يا أبتي
هو : يوم كسائر الأيام .. نرى وجوُها سمئناُ رؤيتُها . تحمل في طيأتها معُنى الأنفصالية والشماتة ، لا الخير والأبتذال وهُنا يا أبتي أخص جيلنا وليس جيلكم . وعيدُنا ليس عيدكم ..
هي نفس الوجوه القديمة المحُملة بالأسى والرُدى .. هي نفس المشاعر المكنونة ..
العيد يا أبتي لبسُ جديد وقلب قديم .. ومواصلة لمسلسلَ يُسمى
" النفاق الأجتماعي "

هنيئاً لك بجيلك يا أبتيُ
وهنيئاً لنا بُما جنينا .

..
أسف يا أبي وأسفا يامجُتمعي
فهذا هو رأي
فأن أصبت فمن اللهُ ..
وأن أسئت وأخطئت فمني ومن الشيطان ..
والله غفوراً رحيُم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق