الثلاثاء، 28 أغسطس 2012

عابر سرير ..


عابر سرير هي الرواية الثالثة والأخيرة في ثلاثية الروائية أحلام مستغانمي بعد روايتيها ذاكرة الجسد الحاصلة على جائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي وفوضى الحواس الرواية الثانية في الثلاثية وصدرت عام 2003 للميلاد.

يقول شوقي يزبّع : " تتشكل "عابر سرير" من الأثاث نفسه الذي تشـكـلت منـه "ذاكـرة الجسد" و"فوضى الحواس" سواء عبر الوقائع والأحداث أو عبر ذاكرة زيان المشرف على الموت والذي يعيدنا بدوره إلى صورة زياد الشاعر الفلسطيني الذي يتقاسم معه ثلثي الاسم وكامل النزف بين جرحي الجزائر وفلسـطين. لم تكن حياة وفرانسواز (أو كاثرين) القاسم الوحيد المشترك بين خالد الأول وخالد الثاني بل كان بينهما ما يجعلهما معاً مـرآتي الحيـاة في الفن أو الفن في الحيـاة، من دون فـارق يـذكر. فخالد المصور يعكس عبر التصوير الفوتوغرافي جثة الجزائر المنقسمة بين صورة الكلب النافق وصورة الطفل المذعور الذي نجا بأعجوبة من المجزرة المروعة التي أودت بأهله ذبحاً على يد الإرهابيين. وخالد الرسام يعكس عبر رسومه جسور قسنطينة المعلقة بين موتين وأبوابها المواربة التي تنفتح على الحب المستحيل كما على الأمل المستحيل. أما لوحته المميزة "الجسر المعلق" فكانت الثمن الذي لا بد من دفعه لما لا يزيد ثمنه عن كلفة القبر

مقتطفات من الراوية :

ذلك أن الرواية لم تكن بالنسبة لها, سوى آخر طريق لتمرير الأفكار الخطرة تحت مسميات بريئة. هي التي يحلو لها التحايل على الجمارك العربية, وعلى نقاط التفتيش, ماذا تراها تخبئ في حقائبها الثقيلة, وكتبها السميكة؟ أنيقة حقائبها. سوداء دائما. كثيرة الجيوب السرية, كرواية نسائية، مرتبة بنية تضليلية, كحقيبة امرأة تريد إقناعك أنها لا تخفي شيئا. ولكنها سريعة الانفتاح كحقائب البؤساء من المغتربين. أكل كاتب غريب يشي به قفل, غير محكم الإغلاق, لحقيبة أتعبها الترحال, لا يدري صاحبها متى, ولا في أي محطة من العمر, يتدفق محتواها أمام الغرباء, فيتدافعون لمساعدته على لملمة أشيائه المبعثرة أمامهم لمزيد من التلصص عليه؟ وغالبا ما يفاجأون بحاجاتهم مخبأة مع أشيائه. الروائي سارق بامتياز. سارق محترم. لا يمكن لأحد أن يثبت أنه سطا على تفاصيل حياته أو على أحلامه السرية. من هنا فضولنا أمام كتاباته, كفضولنا أمام حقائب الغرباء المفتوحة على السجاد الكهربائي للأمتعة."



ربما لهذا, أكتب هذا الكتاب من أجل الشخص الوحيد الذي لم يعد بامكانه اليوم أن يقرأه, ذلك الذي ما بقي منه الا ساعة أنا معصمها, وقصة أنا قلمها.
ساعته التي لم أكن قد تنبهت لها يوما كانت له, والتي مذ أصبحت لي, كأني لم أعد أرى سواها. فمنه تعلمت أن أشلاء الأشياء أكثر ايلاما من جثث أصحابها.
هو الذي أجاد الحب , وكان عليه أن يتعلم كيف يجيد موته. قال " لا أحب مضاجعة الموت في سرير, فقد قصدت السرير دوما لمنازلة الحب, تمجيدا مني للحياة". لكنه مات على السرير اياه. وترك لي كغيره شبهة حب, وأشياء لا أدري ماذا أفعل بها.
لا بد للرجال أن يستعيدوا حقهم في البكاء, أو على الحزن إذن أن يستعيد حقه في التهكم.
وعليك أن تحسم خيارك: أتبكي بحرقة الرجولة, أم ككاتب كبير تكتب نصا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية! فالموت كما الحب أكثر عبثية من أن تأخذه مأخذ الجد.
لقد أصبح , لألفته وحميميته, غريب الأطوار. وحدث لفرط تواتره, أن أفقدك في فترات ما التسلسل الزمني لفجائعك, فأصبحت تستند الى روزنامته لتستدل على منعطفات عمرك, أو على حادث ما , معتمدا على التراتب الزمني لموت أصدقائك. وعليك الآن أن تردع نزعتك للحزن, كما لجمت مع العمر نزعتك الى الغضب,أن تكتسب عادة التهكم والضحك في زمن كنت تبكي فيه بسبب امرأة, أو بسبب قضية, أو خيانة صديق.
مرة أخرى,الموت يحوم حولك إيغالا بالفتك بك, كلؤم لغم لا ينفجر فيك, وإنما دوما بجوارك. يخطئك, ليصيبك حيث لا ترى, حين لا تتوقع. يلعب معك لعبة نيرون, الذي كان يضحك, ويقول انه كان يمزح كلما انقض على أحد أصحابه ليطعنه بخنجره فأخطأه.
اضحك يا رجل, فالموت يمازحك ما دام يخطئك كل مرة ليصيب غيرك!
بعد ذلك, عندما كبرت, وخبرت يتم الأوطان, كبرت" أسئلة القطة" وأصبحت أكثر وجعا:
هل يمكن لوطن أن يلحق بأبنائه أذى لا يلحقه حيوان بنسله؟ هل الثورات أشرس من القطط في التهامها لأبنائها من غير جوع؟ وكيف لا تقبل قطة, مهما كثر صغارها, أن يبتعد أحدهم عنها , ولا ترتاح حتى ترضعهم وتجمعهم حولها, بينما يرمي وطن أولاد إلى المنافي والشتات غير معني بأمرهم؟ وهل في طمر أوساخهم تحت التراب, هي أكثر حياء من رجال يعرضون بدون خجل, عار بطونهم المنتفخة بخميرة المال المنهوب؟
لم أبحث لهذه الأسئلة عن جواب, فـ " الأجوبة عمياء, وحدها الأسئلة ترى".



ليس البكاء شأنا نسائيا.



أسئلتي الوجودية بدأت مع القطة: كيف تستطيع القطة أن تحمل صغيرها بين أنيابها من دون أن تؤذيه؟ وهل حقا هي تخفي صغارها عن أبيهم الذي يحدث عندما يجوع أن يأكلهم؟ وهل الآباء جميعهم قساة وغير مبالين؟ وهل ثمة قطط أكثر أمومة من نساء يحملن أثداء تذر اللبن وتضن بالرحمة؟


أثناء هدر عمرك في الوفاء, عليك أن تتوقع أن يغدر بك الجسد, وأنت تتنكر لك أعضاؤه. فوفاؤك لجسد آخر ما هو إلا خيانة فاضحة لجسدك.

بغروب آخر يوم في خريف القلب, ندخل في سباتٍ طويل لشتاءٍ عاطفي, مقتاتين بدسم الذكرى ومجزون الأمل الذي ما فتئنا كحيوانات القطب الشمالي نجمعه تحسباً لمواسم البؤس الجليدية.
ذات جليد.. لن يسعفك اختباؤك تحت الفرو السميك للأمنيات.
رويداً.. يضمحل قلبك العاطل عن الحب. تتقلص فحولتك العاطلة من التمتع والإمتاع, وإذا كل عضو فيك لم تستعمله, قد اضمحل.
تدري أنك مدين في الماضي للحب وحده بإنجازاتك الفحولية الخارقة, لكن زمن العشق ولى.
خيباتك السابقة علمتك الاحتراس من حب يؤسس نفسه على كلمة " إلى الأبد". حب بعد آخر, مات وهمك بحب حد الموت, حب حتى الموت.
كل مأساتك الآن تدور حول هذا الاكتشاف!





لتحميل الرواية
هُنا
http://www.4shared.com/office/KGSb8gZU/___.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق