الاثنين، 27 أغسطس 2012

ذكٌرى ولوحَة


الذكرى دائماًُ ماتكون فاجعة إذ أنها تآتي بدون طرق الأبواب
هل تأتي من النوافذ .. أو من خلف أفئدتنا المؤصدة ..
هل حقاً هناك علاقات كونية بين جميع الفنون والذكريات
أشعر أن هناك علاقات طردَية
بين الفنّ والتخيلاتَ
..

هل حدث ذات مرة أن تسكنكم قصيدة , بيت شعر ,رواية , موسيقى,لوحة
ثم في ذات السكنى تجدوا مايصادفها فنياً وإن اختلف الشكل ؟
تسكنني منذ مدة قصيدة درويش (الهدهد) وبعيداً عن مافيها من مخالفات للعقيدة
كعادة درويش في معظم قصائده_
إلا إن بها تأملات صوفية عميقة جداً , ولوحات تشبيه بالغة الجمال
..ومنذ مدة أتابع رسام في
deviantart


كل فترة تنزل له لوحة جديدة تُبهرني بجمال إتقانها ..ولم أكن أعلم بإتصالها ببعض
ولا المعنى الذي يرمي إليه إلا اليوم عندما اكتملت السلسلة
ارتبطت لوحاته بقصيدة درويش ورسوله الهدهد ودليله وإن اختلف الرسول(طائراً مشابهاً للعصفور) هنا



ذكرى ولوّحة tumblr_l4zczzvjxK1qbee3f.jpg
الأولى تحمل اسم :
the meeting


..


قلنا له : هل عدت من سبأ لتأخذنا إلى سبأ جديدة ؟
عادت إلينا من رسائلنا رسالتنا ولم ترجع .. ولم ترجع
وفي اليونان لم تفهم أرسطوفان . لم تجد المدينة في المدينة
لم تجد بيت الحنان لكي تدثرنا حريراً من سكينة
لم تدرك المعنى فمسك هاجس الشعراء : ( طيري
يا بنت ريشي ! يا طيور السهل والوديان ، طيري
طيري سريعاً نحو أجنحتي وطيري نحو صوتي ) .إن فينا
شبقاً إلى الطيران في أشواقنا . والناس طير لا تطير …
يا هدهد الكلمات حين تفرخ المعنى وتخطفنا من اللغة الطيور
يا ابن التوتر حين تنفصل الفراشة عن عناصرها ويسكنها الشعور
ذوب هنا صلصالنا ليشق صورة هذه الأشياء نور
حلق لتتضح المسافة بين ما كنا وما سيكون حاضرنا الأخير
ننأى ، فندنو من حقيقتنا ومن أسوار غربتنا وهاجسنا العبور
في هذه الصحراء حباً . أين نخلتنا لنعرف في التمور قلوبنا ؟
يا هدهد الأسرار ، جاهد كي نشاهد في الحبيب حبيبنا

ودلنا يوماً على الأرض السريعة قبل دورتنا من العدم العميق ، ودلنا
يوماً على شجر ولدنا تحته ، سراً ، ليخفي ظلنا
وعلى الطفولة دلنا . وعلى يمام زاف أول مرة ليذلنا
يفع الصغار ولم يطيروا مثله . يا ليتنا . يا ليتنا . ولعلنا
سنطير في يوم من الأيام .. إن الناس طير لا تطير
والأرض تكبر حين نجهل ، ثم تصغر حين نعرف جهلنا


ذكرى ولوّحة tumblr_l4zcz8tPJ61qbee3f.jpg


اللوحة الثانية بعنوان:
the secret
..


والحب أن لا يدرك المحبوب .. أرسل عاشق لفتاته
فرس الغياب على صدى النايات واختصر الطريق : ( أنا هي )
وهي ( الأنا ) تنسل من يأس إلى أمل يعود إلى يأس


ذكرى ولوّحة tumblr_l4zcwy3Mzn1qbee3f.jpg


اللوحة الثالثة بعنوان:
trespass





ذكرى ولوّحة tumblr_l4zd5oCDsl1qbee3f.jpg
اللوحة الرابعة بعنوان:
the return


إن الجواب هو الطريق ولا طريق سوى التلاشي في الضباب
هل مسك ( العطار ) بالأشعار ؟ قلنا . قال : خاطبني وغاب
في بطن وادي العشق . هل وقف ( المعري) عند وادي المعرفة ؟
قلنا . فقال : طريقه عبث . سألنا : وابن سينا .. هل أجاب
عن السؤال وهل رآك ؟ أنا أرى بالقلب لا بالفلسفة
هل أنت صوفي إذاً ؟
أنا هدهد . أنا لا أريد . ( أنا أريد
أنا لا أريد ) وغاب في أشواقه : عذبتنا
يا حب . من سفر إلى سفر تسفرنا سدى . عذبتنا ،
غربتنا عن أهلنا ، عن مائنا وهوائنا . خربتنا . أفرغت
ساعات الغروب من الغروب . سلبتنا كلماتنا الأولى .
نهبت شجيرة الدراق من أيامنا ، وسلبتنا أيامنا . يا
حب قد عذبتنا ، ونهبتنا . غربتنا عن كل شيء واحتجبت
وراء أوراق الخريف . نهبتنا يا حب . لم تترك لنا شيئاً
صغيراً كي نفتش عنك وكي نقبل ظله ، فأترك
لنا في الروح سنبلة تحبك أنت . لا تكسر زجاج
الكون حول ندائنا . لا تضطرب . لا تصطخب . واهدأ
قليلاً كي نرى فيك العناصر وهي ترفع عرسها الكلي
نحوك . واقترب منا لندرك مرةً : هل نستحق
بأن نكون عبيد رعشتك الخفية ؟ لا تبعثر ما
تبقى من حطام سمائنا . يا حب قد عذبتنا ، يا
حب ، يا هبةً تبددنا لترشد غيبنا فيهب ..
هذا الغيب ليس لنا وليس لنا مصب النهر،
والدنيا تهب أمامنا ورقاً من السرو القديم ليرشد
الأشواق للأشواق . كم عذبتنا يا حب ، كم غيبتنا
عن ذاتنا ، وسلبتنا أسماءنا يا حب ..
قال الهدهد السكران : طيروا كي تطيروا . نحن عشاق وحسب
قلنا : تعبنا من بياض العشق واشتقنا إلى أم ويابسة وأب
هل نحن من كنا وما سنكون ؟ قال: توحدوا في كل درب
وتبخروا تصلوا إلى من ليس تدركه الحواس . وكل قلب
كون من الأسرار . طيروا كي تطيروا . نحن عشاق وحسب
قلنا ، وقد متناً مراراً وانتشينا : نحن عشاق وحسب .
منفى هي الأشواق . منفى حبنا . نبيذنا منفى . ومنفى
تاريخ القلب . كم قلنا لرائحة المكان : تحجري لننام . كم
قلنا لأشجار المكان تجردي من زينة الغزوات كي نجد المكان
واللامكان هو المكان وقد نأى في الروح عن تاريخه ..
منفى هي الروح التي تنأى بنا عن أرضنا نحو الحبيب
منفى هي الأرض التي تنأى بنا عن روحنا نحو الغريب



تم
..
القصيدة طويلة ومليئة بالمفردات .الجّمة
أعيش بين أحضانها كثيراً
فأنام في خدُرها .. لا أفيق
أنا في ُسبات .. أنا في وئام
أنا التيّه
فماخوفي من التَوهآن .
كتبت من القصيدة ماكتبت لكن لاتحضرني كُلها

..
السبت
الثاني عشر من أغسُطس
الساعة الثانية عشر ، وستة عشر دقيقة
صباحاً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق